دولة التوحيد و فتنة المظاهرات
خطبة الجمعة 06-04-1432هـ
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه ، ومذل من خالف أمره وعصاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، وسلم تسليماً كثيراً ، أما بعد : أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة ، فأنتم ولله الحمد في بلاد تتميز بميزات عظيمة لا توجد في البلاد الأخرى ، فهي تختلف عن البلاد الأخرى ، من ذلك أن فيها عقيدة التوحيد الصافية من إخلاص العبادة لله عز وجل والإيمان بأسمائه وصفاته حتى ظهرت هذه العقيدة ولله الحمد حتى عند العوام وعند البادية فإذا تكلم أحد فإنه يتكلم بالعقيدة ويلهج بها كأنه تعلمها على العلماء وإنما البيئة ولله الحمد التي انتشرت فيها هذه العقيدة الصافية على أيدي العلماء والتي قام بها ودعا إليها شيخ الإسلام وإمام الأئمة الأعلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وناصره عليها وأيده عليها آل سعود غفر الله لأمواتهم وحفظ الله ووفق أحياءهم لما فيه الخير ، هذه ميزة لا يوجد مثلها في البلاد الأخرى إلا على ضعف واختلاط وغير ذلك ، أما هذه البلاد فكل أهلها ولله الحمد على عقيدة سليمة ومنهج قويم فيها جماعة مسلمة مئة بالمئة ليس فيها أجناس وأخلاط ، مسلمة مئة في المئة ولله الحمد أمة واحدة تحت قيادة واحدة وإمامهم منهم وعلى عقيدتهم وعلى دينهم هذه ميزة عظيمة ومنحة كريمة من الله سبحانه وتعالى ، هذه البلاد فيها قبلة المسلمين فيها الكعبة المشرفة والمسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيها قبلة المسلمين ، يفد إليها الحجاج والمعتمرون ، فتقوم هذه الدولة المباركة بخدمتهم وتوفير الراحة لهم ، ونشر الأمن فيهم ، حتى يرجعوا إلى بلادهم سالمين ، فهذه أعظم ميزة لهذه الدولة وهذه البلاد المباركة ، هذه البلاد هي قلب جزيرة العرب التي نبع منها الإسلام وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فامتد منها الإسلام وانبثق منها الإسلام إلى المشارق والمغارب ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،قال صلى الله عليه وسلم: لا يبقى فيها دينان وذلك لأنها مصدر الإسلام فلا يجوز أن يختلط مع الإسلام دين آخر ، فنفذ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم وأجلى اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، هذه البلاد لا يجوز تغيير مسارها ولا تغيير منهجها إلى منهج آخر ، لأن الله جل وعلا يقول : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، فهذه نعمة عظيمة تجب المحافظة عليها ، وتجب تنميتها ، هذه البلاد يدرس فيها التوحيد والحديث ، والتفسير ، والفقه ، واللغة العربية ، في المساجد ، في المدارس ، في المعاهد ، في الكليات ، تنفق عليها الأموال لتعليم أهلها هذا الدين وهذه العقيدة ولله الحمد ، فهي نعمة عظيمة يا عباد الله لا يجوز تغيير هذا المسار واستبداله بأنظمة كفرية وأنظمة شركية وأنظمة إباحية وأنظمة ملحدة ، لأن الكفار منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يحاولون طمس هذا الدين يحاولون القضاء على هذا الإسلام بشتى الوسائل ومن ذلك ما يحاولونه اليوم نحو هذه البلاد من زعزعة لأمنها هي بلاد آمنة ولله الحمد ، آمنة في مدنها وقراها ، في أسفارها ، في كل مكان يظلل عليها الأمن تحت راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، إن الأعداء لا يرضون بهذا ولهذا يخططون لهذه البلاد وقلبها عما هي عليه إلى صورة أخرى إلى صورة على رغبتهم وعلى مذاقهم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ، فيجب أن نحافظ على هذه النعمة العظيمة ونتواصى بحفظها ونصحح المفاهيم الخاطئة التي يبثها الكفار وينفذها الأغرار من أبناء المسلمين ويندس بينهم منافقون يريدون تغيير هذه النعمة وسلب هذه الكرامة وهذا اللباس الذي ألبسه الله لهذه البلاد فاللذين يحاولون تغيير مسار هذه البلاد هم : إما من الكفار والكفار معلومة عداوتهم للإسلام من قديم الزمان ، وإما : من أبناء المسلمين الذين تلوثت أفكارهم وثقافتهم وتأثروا بدعاية الكفار فيريدون أن يغيروا واقع هذه البلاد ، ولكن الله سبحانه ناصر دينه ولكن يجب عليكم أن تنصروا هذا الدين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمد لله على فضله وإحسانه لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه خلقه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً ، أما بعد : أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروا نعمته يزدكم منها : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ، فليس إلا العذاب لمن لم يشكر النعمة وأعظمها ما تعيشه هذه البلاد ولله الحمد مما ذكرت لكم طرفاً منه ، تنتشر بين الأسر ، وبين النساء ، وبين الناس ، وفي البيوت ، عن طريق الإنترنت دعوة إلى المظاهرات ، مظاهرات لأي شيء ؟ دعوة إلى المظاهرات ؟ والمظاهرات حرام ليست من دين الإسلام وإنما هي من دين الكفار ليست من دين الإسلام في شيء لما يترتب عليها من الشرور فيها فوضى وغوغائية لا حد لها ، يدخل فيها من الأعداء والمنافقين من ينتهزها ويشبها وينفخ فيها لأجل أن يشتت جمع المسلمين لأجل أن يضر بلاد الإسلام والمسلمين ، المظاهرات فيها سفك دماء ، فيها تخريب ، فيها فوضى ، فيها سلب ونهب ، يتسلط فيها قطاع الطرق ، يتسلط فيها السراق والعصابات المجرمة لسلب أموال الناس والهجوم على بيوتهم وعلى متاجرهم وعلى طرقهم البرية بسبب هذه المظاهرات ، المظاهرات تحدث الفرقة بين المسلمين ، تحدث البغضاء بين المسلمين ، تشتت شمل المسلمين ، هذه بعض ثمار المظاهرات ، إذا جازت المظاهرات أو أجازها نظام الكفار ، فإن الإسلام لا يجيزها أبداً ، ونحن مسلمون ولله الحمد ، فإذا أجازوها في نظامهم فديننا يحرمها ، ونحن مسلمون نأخذ بكتاب الله لا بقوانين الفرنسيس أو غيرهم ، الذين يحدثونها ويدعون إليها هم بين فريقين : الفريق الأول : الكفار والكفار هم الذين يخططون لها وتنبح كلابهم في إذاعاتهم لتشجيعها وشب نارها بين المسلمين وإما كما ذكرنا من أبناء المسلمين الأغرار الذين غرر بهم ممن تلوثت أفكارهم ، تغيرت ثقافتهم ، سمعوا هذه الدعايات ، العدل والمساواة ، والحقوق ، وما أشبه ذلك من الدعايات الباطلة ، نعم الناس لهم حقوق ولكن المطالبة بالحقوق ليست بالمظاهرات والفوضى تضيع الحقوق ويضيع أكثر منها مع المظاهرات ومع الشغب المطالبة بالحقوق بالطرق الشرعية الترافع إلى المحاكم ، الرفع إلى ولي الأمر ، لها طرق شرعية أما بالمظاهرات فإنها تضيع ويضيع غيرها وهذا ما يريده الأعداء ، فاتقوا الله عباد الله وفكروا في ذلك وانصحوا انصحوا أبناءكم وانصحوا نسائكم وبناتكم مما يقرؤون وينظرون إليه في هذه الآلة الخبيثة التي أصبحت مثل الأصنام في بيوت المسلمين تبث الشرور والدعايات والإشاعات حتى يصبح المسلمون في كدر ، والبيوت في كدر ، فيها تهويل وإرجاف فاتقوا الله عباد الله : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) .
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، ثم اعلموا رحمكم الله أن الله أمركم أن تصلوا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعدما صلى عليه الله وملائكته : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، إن قدوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليس قدوتنا دول الكفر ، وأحزاب الضلال ، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين والمنافقين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا ، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا اللهم احفظ علينا نعمتنا ، ولا تغيرها علينا بسبب ذنوبنا ، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا ، اللهم احفظ بلاد المسلمين في كل مكان يا رب العالمين ، اللهم أصلح ولاة أمورنا ووفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين ، اللهم احمهم واحفظهم من كيد الأعداء والحاسدين والمنافقين والكفار والمشركين ، اللهم احمهم واحفظهم وأعز بهم دينك وأعل بهم كلمتك ، اللهم اجمعهم على الحق يا رب العالمين ، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم إنك على كل شيء قدير اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان يا رب العالمين وولي علينا خيارنا واكفنا شر شرارنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .
عبادَ الله ، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) ، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم ، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم ، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون .