الإسلامعالج وحل جميع مشكلات الناس
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام فمهما ابتغينا العز بغيره أذلنا الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولا نعبد إلا إياه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه وسلم تسليماً كثيرا ، أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه العظيمة التي أعظمها وأجلها نعمة الإسلام الذي بعث الله به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وترك أمته عليه ، فهذا الإسلام هو مرجع المسلمين في كل العصور وفي كل البلاد ليس لهم مرجع سواه وهو يحُل جميع المشاكل ، فالإسلام يحل مشكلة العقيدة والعبادة ، بينما أهل الأرض متفرقون في عقائدهم وعباداتهم ونِحلهم وضلالاتهم ، فهم في غيهم يعمهون ، جاء الإسلام والعالم كله في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء يعبدون ما يشتهون يعبدون ما ينحِتون يعبدون الأشجار والأحجار يعبدون الجن والإنس يعبدون الشياطين متفرقون لا تجمعهم عقيدة ، لأنهم ليسوا على هدى ، ومن كان على غير هدى فإنه يهيم على وجهه لا يدري أين الطريق ، وكلٌ يقول الطريق عندي ، فجاء الإسلام فوحد عقيدة المسلمين بعبادة الله وحده لا شريك له وحررهم من عبودية غير الله من الأشجار والأحجار والأصنام والقبور والأضرحة والأولياء والصالحين ، حررهم في عقيدتهم تحت كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فجمعهم على هذه العقيدة عربهم وعجمهم جنهم وإنسهم أبيضهم وأسودهم لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى ، (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات-13]، فكان بلال الحبشي ، وسلمان الفارسي ، وصهيب الرومي ، وغيرهم كانوا من سادات المؤمنين ومن سادات أهل الجنة ، وكان أبو جهل وأبو لهب كانوا في الدرك الأسفل من النار لم ينفعهم نسبهم ولا شرفهم بالنسب ، (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) [المسد] ، مع أنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، حررهم من الخرافات التي ترسبت من الجاهلية وبقيت في كثير من البلاد ، التعلُق بالأموات والأضرحة ، الاستغاثة بالأموات ، إلى غير ذلك ، الإسلام حررهم من ذلك وأمرهم بدعاء الله وحده لا شريك له والاستغاثة به سبحانه وتعالى وطلب الحوائج منه ، فأصبحوا أحرار بعد أن كانوا أرقاء لكل شيطان ولكل طاغوت ، (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ* مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [يوسف-39-40] ، أيضاً وحدهم وحل لهم مشكلة السياسة ، فكانوا من قبل متفرقين ، كل قبيلة تحكم نفسها ، لا يجمعهم إمام ولا يقودهم رشيد ، وإنما تقودهم أهوائهم ورؤسائهم القبلية والعصبية ، يتناحرون ، يسلِب بعضهم بعضا ، يسترق بعضهم بعضا ، ينهب بعضهم بعضا ، هكذا كانوا في الجاهلية ، وما نفعهم أنهم عرب ، ما نفعتهم العروبة ولا الإنسانية ، إنما نفعهم الله بالإسلام ، فاجتمعوا تحت لواء إمام واحد ، يسوسهم بكتاب الله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ابتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بالخلفاء الراشدين من بعده ثم من يأتي بعدهم من ولاة أمور المسلمين إلى أن تقوم الساعة دولتهم واحدة ، جماعتهم واحدة أمتهم واحدة قيادتهم واحدة مرجعهم واحد وهو الكتاب والسنة ، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء-92] ، عالج الإسلام مشكلة المرأة ، مشكلة المرأة كانت في الجاهلية ممتهنة مبتذلة تحرم من الميراث من ميراث أقربائها ، كان الرجل يتزوج العدد الكثير ويجور في حقهن ويظلمهن فجاء الإسلام وجعل للمرأة نصيباً مما ترك الوالدان والأقربون ، قال تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء-7]، فجعل المرأة كالرجل في أصل الميراث ، للرجال نصيب وللنساء نصيب ، وإن تفاوت المقدار في ذلك ، أباح لها أن تتّجر وأن تتملك ، لها المهر ولها مالها تتصرف فيه بحرية ، إذا كان هذا المال وصل إليها من طريق حلال فهو مالها ، وأوجب نفقتها على أوليائها من الأزواج والآباء والإخوة إلى آخره ، أوجب نفقتها عليهم لأنها قد لا يكون لها مال ، قد لا تتمكن من الكسب ، فالله أوجب نفقتها على أولياءها (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) [النساء-34] ، وجعل لهم الرقابة عليهن من الضياع ، ومن جور كلاب الإنس والجن ، الذين يريدون إفساد عرضها ، جعل الله أولياءها ورجالها حصناً دونها ، يحمونها ويسلمونها لزوجها فيقوم بحمايتها وكفالتها ، فهي مصونة ، فهي مصونة ومعززة ومكرمة ، (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) [النساء-3] ، العدل لا بد من العدل ، (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [النساء-3] ، هذا موقف الإسلام من المرأة ، وهو موقف يحميها ، ويحفظها ، ويصونها ، ويحقق لها كرامتها ، ولا تحتاج إلى أنها تبذِل نفسها ، أو تبذِل عرضها ، أو تزاحم الرجال ، وتُخالط الرجال وتناهبهم لقمة العيش ، لا ، الإسلام كرّمها وصانها ، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالمرأة في خطبة حجة الوداع ، فقال عليه الصلاة والسلام : واستوصوا بالنساء خيرا [البخاري-5185]، وصّى صلى الله عليه وسلم في آخر حياته بالنساء ، وحذّر من ضياع النساء ، قال عليه الصلاة والسلام : واتقوا فتنة النساء فإن فتنة بني اسرائيل كانت بالنساء [مسلم-2742] ، ما تركت بعدي فتنة أضرَ على الرجال من النساء [البخاري-5096] ، إذا أُفلِتت المرأة صارت خطراً يهدد المجتمع ، أشد من خطر ما يسمونه بالقنابل الذرية ، وما يسمونه بالأسلحة الفتّاكة ، المرأة أخطر إذا ضُيِعت ، أخطر على المجتمع ، لأنها حُبالة الشيطان ، فلا بد من ضبطها ، ولا بد من توفير الكرامة لها ، ولا بد من حمايتها ، فالإسلام حل مشكلة المرأة ، بينما المرأة ضائعة عند الكفار ، وفي المشرق والمغرب عند أنظمة الكفر، أما الإسلام فقد حماها وكرمها وصانها ، حل الإسلام مشكلة الفقر، فجعل للفقراء والمساكين نصيباً في أموال الأغنياء ، جعل للفقراء والمساكين نصيباً في أموال الأغنياء سنوياً ، ومن امتنع من إخراجه فإن يُؤخذ منه قهراً ، لأنه حقٌ عليه واجبٌ عليه ، وإن استدعى الأمر إلى قتاله فإنه يقاتل ، كما قاتل الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة ، هذا لأجل علاج الفقر، لأجل علاج الفقر، الصدقات ، التطوع ، الإحسان ، البر، أبوابه واسعة ، كل ذلك لأجل إغناء الفقراء الذين لا يقدرون على الكسب ، الذين لا يقدرون على الكسب من المرضى وكبار السن ، لهم نصيبٌ في أموال الأغنياء ، واجبٌ ومستحب ، يغنيهم ، يغني فقرهم ، أما إذا كانوا يقدرون على الكسب ، فلا بد أن يكتسبوا ، لا بد أن يحترفوا ، لا بد أن يتاجروا ، لا بد أن يطلبوا الرزق ، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب من وجده قاعداً يضربه بالدرة ويأمره بالكسب وطلب الرزق ويقول هل علمتم أن السماء تمطر ذهباً وفضة ، وهذا كما أمر الله سبحانه وتعالى بقوله: (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة-10] ، يعني اطلبوا الرزق حتى في الحج يتاجر الرجل والمسلم في موسم الحج ، وهو حاج قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة-198] ، هذه في المتاجرة في الحج ، كل هذا لأجل طلب الرزق ، قال صلى الله عليه وسلم في الزكاة : ليس فيها حظٌ لغني ولا لذي مِرّةٍ قوي [خلاصة البدرالمنير- 2/160قال أحمد:إسناده جيد] ، يعني يقدر على الاكتساب ، ليس فيها حظ للقوي ولو كان فقيراً ، لأنه غنيٌ بقوته ، فيكتسب ويحترف ويُحصّل الرزق ، وقد يُصبح تاجراً ، وقد يجد على الأقل ما يكفيه عن الناس ، وقال صلى الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكم أحبُله أو فأسه فيذهب إلى الجبل فيحتطب ويحمل على رأسه فيبيع فيغنيه الله خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه [صحيح ابن ماجه-1498] ، لكن شبابُنا يقولون هذه عطالة ، العطالة كثيرة ، العطالة منهيٌ عنها ، لا تتعطلوا ، هل أنتم مُجدّعو الأطراف؟ هل أنتم مرضى لا تستطيعون؟ أنتم أقوياء أصحاء ، اطلبوا الرزق ، فالعطالة ليس لها مجال في الإسلام ، إن كان لا يقدر على الكسب فإنه يُعطى من الزكاة ، ومن الصدقات ، حتى توعد صلى الله عليه وسلم وعيداً شديداً من بات شبعان وجارُه جائع ، توعده بأشد الوعيد ، من بات شبعان وجاره جائع ، هذا إن كان لا يقدر على الكسب ، أما إذا كان يقدر على الكسب فإنه يجب أن يُلزم ، أن يُلزم بطلب الرزق ، ويُقضى على العطالة بذلك ، أمّا أن يجلس ، وينام ، ويروح للإستراحات ، وللنزهات ، ويسهر ، ويقول عندنا عطالة ، ويترك طلب الرزق ، فهذا ليس من دين الإسلام ، هذا نهى عنه الإسلام نهياً شديداً ، كذلك الإسلام عالج الجنس والشهوة ، لأن الله جعل في الرجال والنساء غريزة ، غريزة الشهوة ، لحكمةٍ إلهية لأجل بقاء النسل ، ولكنها لا تُهدر بالسفاح ، وإنما تُوضع في النكاح الشرعي ، تُوضع في النكاح الشرعي ، الذي أحله الله وحث عليه ، (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور-32-33] ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه في الصوم فإنه له وجاء [البخاري-5065] ، فالإسلام عالج قضية الجنس ، ولم يجعلها كالبهائم ، بل عالجها لأجل أن تكون مثمرة ومفيدة للمجتمع لا تكون ضرراً على المجتمع (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء-32] ، ينشر الأمراض الفتّاكة ، يكثر أولاد الزنا والسفاح ، تضيع الأخلاق والمروءات ، والله جلا وعلا قال : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى) [الإسراء-32] ، لم يكتفِ بقوله لا تزنوا بل قال : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى) [الإسراء-32] ، يعني اتركوا الوسائل التي تُفضي إلى الزنا ، كالنظر المحرم ، وسفر المرأة بدون محرم ، وكذلك تبرج النساء ، واختلاط النساء بالرجال،هذه وسائل تُوصّل إلى الزنا،أمر الله جل وعلا بتجنبها:(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى)[الإسراء-32] ، بأي وسيلة من الوسائل ، (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء-32] ، فالإسلام ولله الحمد أغنى المسلمين بتشريعاته الحكيمة النافعة ، وكذلك الإسلام عالج الأمن ، عالج الأمن الذي هو ضرورة للمجتمع ، عالج توفير الأمن أولاً بالإيمان : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ) [الأنعام-82]، فأول أسباب الأمن الإيمان ، والتوحيد ، وعبادة الله وحده لا شريك له ، ثم إقامة الحدود على المجرمين والمفسدين في الأرض ، يُقتل القاتل قًصاصاً ، يُقتل القاتل قًصاصاً ، ويُرجم الزاني إذا كان محصناً ، ويُجلد مائةً إذا كان غير محصن ، إذا كان غير محصن ، إذا كان بكراً يجلد مائة جلدة ويغرّب عن البلد إلى بلد آخر ، حتى يتوب إلى الله عز وجل ، تُقطع يد السارق ، تُقطع أيدي قطاع الطريق،يقتلون:(أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ) [المائة-33] ، كل هذا صيانة للأمن يا عباد الله ، ولا يجوز أن يمكّن من يعبث بالأمن ، بمظاهرات ، بغوغاء ، بإعتصامات ، هذه أنظمة الكفار، ليست عندنا ، الإسلام أمر بحفظ الأمن ، ومنع من يُخل بالأمن ، فاتقوا الله عباد الله ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ* قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ* قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام- الآيات 161-165] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله على فضله وإحسانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً ، أما بعد : أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروا نعمته ، وأعظم نعمة هي نعمة الإسلام ، إي والله إن أعظم نعمة هي نعمة الإسلام ، فاشكروه على هذه النعمة بالتمسك بها ، والعمل بها وبتحقيقها قولاً واعتقاداً وعملاً ، المسلمون ولله الحمد مرجعهم في جميع شؤونهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً* فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً) [النساء-174-175] ، فنظامنا هو الإسلام ، القرآن والسنة ، هذا هو نظامنا وديننا ، وهذا هو الذي يحُل مشاكلنا كلها ، (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام-38] ، فهو دينٌ كامل ، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً) [المائدة-3] ، أما نظام الكفار فإنه قانون الشيطان ، الطواغيت التي تحكمهم ، وتسُن لهم القوانين الشيطانية البشرية ، فلهم قوانينهم ، ولنا ديننا ولنا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، أمّا أن يقال هذا نظام عالمي ، كفرنا بهذا النظام العالمي ، وآمنا بالله وبكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا نقبل إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا نقبل القوانين والأنظمة الكفرية ، يعيشون بها هم ، وهي جزاءهم وقدرُهم ، أما نحن ولله الحمد فنحن أهل قرآن وأهل سنة وأهل إسلام وإيمان ، لا نقبل ما يخالف ديننا مهما كان ، هذا هو الذي أمرنا الله جل وعلا به ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) [آل عمران-102-103] ، هكذا أمرنا الله سبحانه وتعالى ، يأمرنا الكفار بأن نأخذ أنظمتهم ، وإلا يهددوننا بالإخلال بأمننا وإزالة دولنا ، لن يستطيعوا إن شاء الله إذا صدقنا مع الله ، وتمسكنا بحبل الله واعتصمنا بالله ، ووثِقنا بديننا ، لن يستطيعوا ، لمّا جاء الإسلام وحمله الصحابة اكتسحوا به المشارق والمغارب ، فتحوا بلاد فارس والروم ، ونشروا الإسلام ولله الحمد ، الإسلام قوي إذا حمله رجال مؤمنون أقوياء ، نسأل الله أن ينصر دينه ويُعليَ كلمته ، إن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ، وعليكم بالجماعة ، فإن يد الله على الجماعة ، ومن شذ شذ في النار ، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب-56] ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين اللهم ولي علينا خيارنا واكفنا شر شرارنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا ، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ومن فجاءة نقمتك ومن تحول عافيتك ومن جميع سخطك اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، إنك سميع الدعاء ، اللهم أصلح ولاة أمورنا ، اللهم احمهم واحفظهم ، اللهم أيدهم بالحق ، وأيد الحق بهم ، اللهم اجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ن اللهم أصلح بطانتهم ، اللهم أصلح بطانتهم ، اللهم أصلح بطانتهم وأبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين يا رب العالمين ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل-90-91] ، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
خطبة الجمعة 13-04-1432هـ