متن الدرس
سورة آل عمران
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله تعالى: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ) الآيتين 1:
إذا عرفت أن سبب نزولها قول أهل الكتاب: نحن مسلمون نعبد الله إلا إن كنت تريد أن نعبدك، عرفت أنها من أوضح ما في القرآن من تقرير الإخلاص، والبراءة من الشرك، ومن أعظم ما يبين لك طريق الأئمة المهديين من الأئمة المضلين؛ وذلك أن الله وصف أئمة الهدى بالنفي والإثبات، فنفى عنهم أن يأمروا أتباعهم بالشرك بهم، أو بالشرك بالملائكة والأنبياء وهم أصلح المخلوقات، وأثبت أنهم يأمرون أتباعهم أن يصيروا ربانيين، فإذا كان من أنزله الله بهذه المنـزلة لا يتصور أن يأمر أتباعه بالشرك به ولا بغيره من الأنبياء والملائكة، فغيرهم أظهر وأظهر.
وإذا كان الأمر الذي يأمرهم به كونهم ربانيين تبين طريقة الأنبياء وأتباعهم من طريقة أئمة الضلال وأتباعهم. ومعرفة الإخلاص والشرك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله تعالى: (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ* وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) سورة آل عمران: 79-80.
ومعرفة أئمة الهدى وأئمة الضلال أفضل ما حصل المؤمن، لكن فيه من البيان قول اليهود إلا إن كنت تريد أن نعبدك كما عبدت النصارى عيسى، وقول النصارى تريد ذلك أي إلا إن كنت تريد أن نعبدك كما عبدت اليهود عزيرا! إن عبادة غير الله من أنكر المنكرات ببديهة العقل، ولكن الهوى يعمي ويصم.
وفيه معرفة الإنسان بعيب عدوه، ولا يعرف ما فيه من ذلك العيب بعينه ولو كان فيه أضعافا مضاعفة وفيه ما على من قرأ القرآن من الحق من تعلم معانيه. وفيه أن عليه أن يعمل به; وفيه أن يكون ربانيا، وفيه أن ذلك بسبب درس الكتاب وعلمه وتعليمه، وفيه أن المسلم إذا أشرك بالأنبياء والصالحين كفر بعد إسلامه. وفيه معرفة أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو عليه من العدل والتواضع كيف يتفوهون له بهذا الكلام، وهم تحت يده محتاجون له. وفيه أن من أشرك بشيء فقد اتخذه ربا، وفيه أن قوله في القرآن: {من دون الله} ليس كما يقول الجاهلون لأن أهل الكتاب لا يتركون عبادة الله.