الخطبة الأولى
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، أمر بأداء الأمانة ونهى عن الخيانة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق في إبلاغه وبيانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الصدق والديانة، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن كل عبد فهو محمل بالأمانة فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين ولاة الأمور، وفيما بينه وبين الناس، فليكن أميناً محافظا على أمانته: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).
والأمانات كثيرة وثقيلة، ولها حساب عند الله عز وجل يوم القيامة فمن تهاون بها في الدنيا وسلم من العقوبة فلن يسلم من عقوبة الله له في الآخرة.
فحافظوا على أمانتكم وأدوها كما أمركم الله عز وجل قال الله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)، الله يبتلي بهذه الأمانة عباده ليتميز المحافظ عليها من المضيع لها، والمتهاون بشأنها، والأمانات كثيرة ولكن منها:
الأمانة في أداء الأعمال التي أتمن عليها ولي الأمر لبعض الناس للأفراد أو للشركات فعليهم أن يحافظوا عليها، فمن ولي على عمل فإنه أمانة في عنقه، يبادر بأدائها كما أمره الله سبحانه وتعالى وينزه نفسه وكسبه ومأكله ومشربه من الخيانة في الأمانة، فهي ابتلاء وامتحان، فمن حافظ عليها وأداها نال الجزء من الله عز وحل، ومن خانها فإنما يخون نفسه، وإنما يرجع ضرر الخيانة عليه وسيحاسب عن ذلك يوم القيامة، فيجب على من تولى عملا وظيفيا أن يؤديها بالوفاء والتمام وأن يحافظ على الدوام الرسمي ولا يتخلف إلا لعذر شرعي مع طلب الإذن من المرجع المسئول حتى تبرأ ذمته ويسلم من اللوم والعتاب، فإن تخلفه عن الدوام يسجل عليه ويحسب عليه قد يكون متراكما ثم يؤثر ذلك على مستقبله وقد يطرد من الوظيفة فينال الخزي والخسارة، لا تحافظ على الدوام خوفا من الناس؛ ولكن حافظ على الدوام خوفا من الله سبحانه وتعالى، فإنه وإن تغاضى عنك المسئول أو كذبت عليه وبررت عذرا فإن الله سبحانه وتعالى لن يتركك بلا حساب ولا عقاب.
وكذلك من تولى مالا من أموال المسلمين فعليه أن يحافظ عليه وأن يحفظه وأن يؤديه بالوفاء والتمام لا يبخس منه شيئا، فإن الذين يأخذون من الأموال العامة يأخذون غلولا، والغلو كبيرة من كبائر الذنوب، فعليه أن يحافظ على ما ولي عليه من الأموال وأن يؤديها بالوفاء والتمام، ولا يتساهل فيها في حفظها وفي أداءها فإنه محاسب على ذلك في الدنيا والآخرة، وإن فاته حساب الدنيا فلن يفوته حساب الآخرة، كان رجل من الصحابة قد ولي على عمل فأتاه المفتشون والمراقبون لحاسبوه فقال لهم: حساب في الدنيا وحسب في الآخرة لكم عملكم، وترك العمل خوفا من الحساب.
فاتقوا لله عباد الله، كان رجل مع الصحابة يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شجاعا في الحرب أعجب الصحابة، فقالوا يا رسول الله: ما أبلى أحد مثل ما أبلى فلان؟ قال: هو في النار فأشكل ذلك على الصحابة ففتشوا في ما معه، فوجدوا عنده شملة غلة من الغنيمة، قالوا: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا يقول: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يحمله على رقبته إن كان بعيرا، إن كان شاة، إن كان مالا يأتي به يوم القيامة: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)؛ ولكن كما جاء في الحديث: في آخر الزمان تتخذ الأمانة مغنما فمن استرعيا على مال اعتبره غنيمة يأخذه له لأنه لا يخاف من الله سبحانه وتعالى.
وكذلك في المقولين الذين يتولون المقاولات ويتعهدون بها لولي الأمر ثم يخونون ويغشون في الأعمال وينقصونه وقد يسلمون منها بأسباب منها الرشوة، والغش للمراقبين فيشتركون في الآثم والعدوان، المراقب الذي أعطاه شهادة على تمام العمل والعامل الذي غش في عمله كلهم خانوا الأمانة وسيحاسبون عن ذلك إن سلموا في الدنيا وزوروا فلن يسلموا في الآخرة فإن الله جل علا لا يخفى عليه شيئا وله كتاب مسجل كل أعماله وتصرفاته ومنها الخيانة في الأمانة وهي حقوق الخلق أيضا، حقوق الخلق لا تسقط إلا إذا سمحوا عنها فلو سمح عنك المراقب فلن تسمح عنك الرعية التي لها حق في هذا المشروع بأن تؤديه بالوفاء والتمام، فعلى المقاولين وعلى المراقبين المراقبين عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى فيما ولو عليه وأتمنوا عليه ولا يخون الله والرسول ويخونوا ولي الأمر ويخونوا المسلمين في مالهم العام، فعليهم أن يتقوا الله فيؤدوا العمل كما تعهدوا به، وعلى المراقين عليهم أن لا يمنحوهم شهادات مزورة؛ بل لابد أن تكون الشهادة على حق، على وفاء العمل وتمام العمل، ومطابقة المقاولة على ما تعهد به المقاول وإلا فإنه مسئول أمام الله سبحانه وتعالى وهو غالوا: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) سيأتي هذا المقاول الخائن بكل الأموال التي غش فيها وأخذ مقابل لها، سيأتي به يوم القيامة يحمله على رقبته، فضيحة له وعقوبة له أمام الله وأمام الخلائق يوم القيامة فلا يظن أنه إذا أخف هذا عن الناس أنه سيخفى على الله، لا يطن أنه إذا سجل له المراقب شهادة وزكاه بها في عمله لكن المَلك سجل عليه خيانة وكتبها في ديوانه في سجله، ثم يوم القيامة يدفع له هذا السجل ويحاسب على ما فيه، فليتقي الله هؤلاء الذين يتولون المقاولات ويعتبرونها مغنما ولا يؤدونها على وجهه ويزورون ويغشون في العمل أو ينقصونه فعليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى.
كذلك من ولي على مال عام فإن عليه أن يحافظ عليه، فمن كان على خزينة الدولة فإن هذه أمانة عظيمة، أنت لو كان عندك أمانة عشرة ريالات أو أقل فإنها أمانة ثقيلة، فكيف بالذي عنده الملايين والمليارات استحفظ عليها؟ ألا يخاف الله سبحانه وتعالى: (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ)، (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) فهذا المقاول هذا طفف الميزان والكيل كيل العمل ما هو كيل الطعام كيل العمل عند الله سبحانه وتعالى: (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ* يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) فليتقي الله هؤلاء وعلى من استحفظ على عمل سواء للدولة أو للأفراد أو للشركات أو لأي أحد عليه أن يحافظ عليه، ويسلمه بالوفاء والتمام، وإلا فإنه سيأتي به يوم القيامة يحمله على رقبته وقال صلى الله عليه وسلم: هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ فإذا كان عاملا أو متوليا على عمل وأعطيا رشوة فإن هذا غلول: هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ أي ما يهدى إليهم من قبل الناس من أجل أن يخونوا الأمانة لهم فإن هذا هو الغلول - والعياذ بالله-.
فعلى المسلم أن يكون أمينا في عمله ووظيفته، يكون أمينا على ما استحفظ عليه فيحفظه ويسلمه تماما ولا يبخس منه شيئا: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) نعم هؤلاء مفسدون، ولذلك يسمى الجهاز الذي وكيل إليه النظر في هذه الخيانات يسمى بالنزاهة لأنه يريد أن ينزه الناس عن هذه الخيانات وهذه الاختلاسات التي يعيشون عليها.
يا عباد الله، كيف يأكل هذا الخائن، يأكل من الأموال التي خانها أو الأموال التي تسامح فيها مع غيره مع أصدقاءه تسامح فيها لأجل الرشوة، كيف يأكل هذا المال؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: في الرجل يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ مضطر قال صلى الله عليه وسلم: وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ يعني لا يستجاب له وإن اجتهد في الدعاء والتضرع والفقر والحاجة إلى الله لا يستجاب دعاءه، وقال صلى الله عليه وسلم: كل جسم نبت على السحت النار أولى به فعلى هؤلاء الذين ابتلوا في الأموال العامة أو الخاصة عليهم أن يتقوا الله فيها، وأن يسلموها وافية تامة ليسلموا من المسئولية والحساب أمام الله سبحانه وتعالى لا يخون في العمل وينقصوه ويظهروه بمظهر العمل التام ويزوقوه وهم غاشون فيه مخادعون فيه لا تدخل في هذه المقاولات وهذه الأمور إلا وأنت صادق في أن تقيمها على الحق والعدل أو أن تتركها أطلب الرزق في غيرها، لا تدخل مع فيما دخل فيها كثير من الناس وتقلد الناس تقول كل الناس على هذا، أو فلان يسوي كذا وفلان أنت مسئول عن نفسك فعليك بأنجاء نفسك ولا تغتر بكثير من خانوا الله والرسول وخانوا أماناتهم وهم يعلمون، لا تغتر بهم فإن لهم يوما يقفون فيه أمام رب العالمين: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) وسيحاسبون عن الدقيق والجليل والكبير والصغير: (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)، بارك الله ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ البلاغ المبين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، ومن تولى على عمل وظيفي أو على مقالة أو أوتمن على شيء فعليه أن يحافظ عليه ويعتب هذه مسئولية أمام الله سبحانه وتعالى قبل الناس، فعليه أن يحافظ على أمانته: (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) ويحفظها كما يحفظ ماله، لو أن إنسانا أخذ من مالك شيئا بغير حق هل ترضى وتسكت أو تشتكي وتحسبه وتخاصم؟ كيف لا ترضى بالخيانة لنفسه وترضى بالخيانة للناس.
فاتقوا الله، عباد الله، ومن علمتموه يخون في عمله يخون في أماتهم، يخون في مقاولته فلا يسعكم السكوت عليه: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ أنت لا تقدر أن تغيره بيدك ولكن بلغ عنه، بلغ عنه ولاة الأمور أبرأ ذمتك وذمته هو أيضا فإن سكوتك عليه يضره هو قبل أن يضرك فبلع عنه حتى يطهر من هذه الجريمة البشعة، حتى يتطهر المجتمع كله، فلو أن الناس تتناصح فيما بينهم لما وجد بينهم خائن؛ ولكن إذا دلس الناس وسكتوا انتشر الخونة ونشطوا وصار لهم رواج عند الناس.
إن هذا المال لله عز وجل، وهذا المال إنما هو أمانة عندكم لله عز وجل فأحسنوا فيه وحافظوا عليه، ومن تولى منه شيئا فلا يبخس منه شيئا، على المسلم أن يكون أمينا فيما أوتمن عليه، يحافظ على أمانته ويؤديها بالوفاء والتمام قال صلى الله عليه وسلم: أدي الأمانة إلى من أتمنك ولا تخن من خانك .
فعلى المسلمين أن يتنزهوا عن هذه الخيانات المالية والاختلاسات، وأن ينزهوا إخوانهم بالنصيحة والموعظة أو بالرفع في شأنهم إلى من يأخذ بأيديهم لينجو وينجوا الجميع، فإن الخيانة إذا أهملت استشرت وانتشرت ونشط الخونة أما إذا علموا أن هناك من يرصد أعمالهم فإنهم ينكفون عن هذا إن لم يكن بهم إيمان يردهم فسينكفون خوفا من العقوبة، وينكفون خوفا من الفضيحة؛ ولكن لما سكت الناس وتركوا هؤلاء العابثين في أموال المسلمين وفي المجتمع نشطوا وتخذوا هذه الخيانة مصدرا للكسب يتبارون فيها ويتسابقون فيها خائن من وراء خائن.
فاتقوا الله عباد الله، نزهوا مجتمعكم من هذه الخيانات في المسئوليات، من هذه الخيانات في الأعمال، في الأموال، حافظوا على أماناتكم: (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) هذه الصفات من صفات المؤمنين الذين يدخلون الجنة: (أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ)، (أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
إن الأمانة عظيمة يا عباد الله، وليس هناك أحد ليس عليه أمانة، ليس هناك أحد إن سلم من الأمانة أمانات الناس لن يسلم من الأمانة فيما بينه وبين الله عز وجل، فيما بينه وبين ولاة الأمور أمور المسلمين فكونوا ناصحين لأنفسكم أولا ولعوائلكم هؤلاء الذين يخزنون هذه الأموال بالخيانة والغش هؤلاء يطعمون أولادهم زوجاتهم ضيوفهم يطعمونهم من الحرام ويغذونهم بالحرام، والمسئولية ليست على هؤلاء، المسئولية على القيم على البيت الذي يخون أمانتهم فيتحمل الأمانة يتحمل إثم ضياع الأمانة ويتحمل هؤلاء الذين أطعمهم من الحرام.
فاتقوا الله عباد الله، واعملوا أن المسئولية عظيمة ليست من أجل الناس والمراقبين فقط عليك رقيب لا يغادر ولا يغفل ولا ينام، عليك ملائكة حفظة يراقبون أعمالك ويكتبونها يسجلونها عليك وستجدها يوم القيامة في أصعب موقف، ولا يمكنك أن تتخلص منها أو أن تكذب، أو أن تستعين بجاهن يخلصك منها: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، من شذ عن الجماعة شذ في النار والعياذ بالله، خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ كما في الحديث، فعليكم بلزوم جماعة المسلمين وإمام المسلمين فإن هذا طريق النجاة الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف، عند الشقاق والنزاعات والثورات، عند الفتن، ألزموا جماعة المسلمين وإمام المسلمين كما أوصاكم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على نبيَّنا محمد، وعلى أهله وأصحابه أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين وخص منهم الخلفاء الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمنا مستقرا، اللَّهُمَّ أحفظ هذا البلد، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين مأوى أفئدة المسلمين حجاجا ومعتمرين، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد آمنة مستقرة، اللَّهُمَّ أحفظها بحفظ تولها برعايتك، وأمده بنصرك وتوفيقك، اللَّهُمَّ أحفظ بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين اللَّهُمَّ دمر أعداء الدين من اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين والمنافقين والمرتدين، اللَّهُمَّ شتت شملهم، وخاف بين كلمتهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد بأسا وأشد تنكيلا، اللَّهُمَّ أحفظ ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ أهدهم سبيل السلام، اللَّهُمَّ أخرجهم من الظلمات إلى النور، اللَّهُمَّ أجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مظلين، اللَّهُمَّ أنصر بهم دينك وحفظ بهم أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا ولا تسلط علينا بذنوبنا ما لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا سميع الدعاء (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ الله أكبرَ، والله يعلمُ ما تصنعون.
خطبة الجمعة 17-02-1435هـ