السؤال
: نبدأ بتفسير آيتين مباركتين في سورة يونس في قول الحق - تبارك وتعالى – أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58) } [ يونس : 57 – 58 ]
الاحابة
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين ( وصلى الله وسلم ) على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين..في هاتين الآيتين من سورة يونس قوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58) } [ يونس : 57 – 58 ]يقول الله - جل وعلا - لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ):قل {يا أيها الناس } جميع الناس؛ لأن هذا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) مبعوث إلى الناس كافة. وكان النبي قبله يُبعث إلى قومه خاصة. وهذا من خصائصه ( صلى الله عليه وسلم )؛ أنه بُعث إلى الناس كافة قل { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }: هذا القرآن العظيم هو موعظة، وهو هدى، وهو أحكام وتشريعات، وهو أخبار عن الماضي والمستقبل. وعلوم القرآن كثيرة منها: أنه موعظة للناس. والموعظة: هي النصيحة التي تؤثر في القلوب، وتعضهم بها ما مضى من الحوادث، وما يأتي في المستقبل. فالمؤمن يتعظ بأخبار القرآن، وقصص القرآن، فيها موعظةوَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ: هذا الأمر الثاني مما جاء للناس؛ أنه شفاء لما في الصدور من الشكوك والكفر والنفاق، وأن يحل محل ذلك الإيمان بالله والطمأنينةشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ: يعني للقلوب. شفاءٌ للقلوب التي في الصدور وهُدًى: أي دلالة وارشاد لمن يريد الخير ويريد الحق وَرحْمَةٌ: القرآن من أوصافه أنه رحمة؛ رحمةٌ للناس؛ لأنه جاءهم بما يَنفعهم وما يُنقذهم من العذاب والغضب فهو رحمة القرآن رحمة. شِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وهو رحمة، هذا من أوصاف القرآن الكريم.وهدًى وموعظة للمتقين الذين ينتفعون بهذا الهدى والموعظة هم المتقون الذين يتقون الله – سبحانه وتعالى -؛ يتقون غضبه وعقابه، يتخذونه وقاية تقيهم، وقاية من الأعمال الصالحة تقيهم من المحاذير العاجلة والمستقبلة.وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ: إنما ينتفع بهذه الموعظة، وهذا الهدى؛ القوم المؤمنون. أما الكفار والمنافقون والمشركون فلن يستفيدوا من هذه الموعظة والشفاء إلا إذا ءامنوا بالله – عز وجل -، وصدقوا بهذا القرآنواتخذوه حجةً لهم ثم قال – جل وعلا -: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58)} فالذي يُفرح به؛ هو هذان الأمران: فضل الله : الإسلام، ورحمته: القرآن. هذان هما اللذان يُفرح بهما، وأما الفرح بالدنيا فهو مذموم كما قال – جل وعلا -: { وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) } [ الرعد : 26 ] قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك: أي بهذين الأمرين فليفرحوا. فمن هداه الله للإسلام، وفهم هذا القرآن وآمن به وتمسك به فإنه يفرح بذلك الفرح الحقيقي هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ: هذا الفرح الذي هو بفضل الله وبرحمته خيرٌ من الفرح بما يجمعون من الدنيا وحطامها.