السؤال
فضيلة الشيخ صالِح حفظَ الله هذه البلاد وأكرمها ولله الحمد بالحرمين الشريفين، أنعم عليها بنعمٍ كثيرة لا تُحْصى ولا تُعَد تستحّق منّا الشُكر والثناء على الله-عزّ وَجّل- والحمد لله فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظهُ الله، وولي عهده وولي ولي عهده، لهم جهودٌ مُبارَكة ومُشاهَدة في خدمة الإسلام وقضايا المُسلمين، ووقوفهم مع أهل الحقّ ودحر الحوثين الظالمين الذين عاثوا في الأرضِ فسادا وظُلمًا لعّل لكم كلمة في مُستّهل هذا اللقاء.
الاحابة
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمد وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعينأما بعد:فإنَّ هذه البلاد كانت كغيرها من بلادِ نجد فيها نهبٌ وسلب، واختلالُ أَمن، وغاراتٌ وثارات بين البُلدان وبين القبائِل، ثُمَّ لمّا مَنَّ الله عليها بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمهُ الله- دعوة التوحيد، ومُناصرة مُحمد ابن سعود تَبايعَ هذان الإمامان المُحمدان، محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، هذا من الناحيّة العلميّة وهذا من النّاحية السِياسية والسُلطة، و تظافرَت جهودهما فكّون اللهُ على أيديهما بِلادًا مُتّحِدة على كتابِ اللهِ وسُنةِ رسولهِ من بادية الشام إلى أقصى اليمن، إلى حدود بلاد اليمن، ومن البحر إلى البحر شرقًا وغربًا بما فيها من مُدنٍ وقُرى، وبادّية قبائل، كُلها تّوحدّت على كتابِ الله وسُنّة رسولهِ، صَفّت فيها العقيدة وحكّمت فيها الشريعة بينهم بعد ما كانوا يتحاكمون إلى الأعراف القَبليّة، صاروا يحكمون بشرعِ الله المُطهّر فتّوحدّت هذه البِلاد في عهدهما على كتابِ اللهِ وسُنة رسولهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-واستمرّت على ذلك جيلًا بعدَ جيل، كلمّا حصلَ فيها فتور أو حصَلَ فيها اختلاف أو نِزاع فإنها تعودُ لحالتها الأولى من الفوضى، ثُمَّ لا تلبث أن تعودَ إلى عهدها وإلى كتابِ ربّها وسُنة نبيها إلى يومنا هذا – والحمد لله-وهي أيضًا ترعى بيت الله الحرام ومن ينتابهُ من الحُجّاج والمُعتمرين والمُعْتَكفين ومَسجِد رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ومن يزورهُ للصلاةِ فيهِ والاعتكافِ فيهِ، فقامَت على هذا خيرَ قيام، أَمّنت السُبُل، ووفرت مُتطلبات الحياة لكلِ من يأتي إلى هذه البلاد آمنًا مُطمئنًا عملًا بقولهِ –سُبْحانه-لِخليلهِ إِبْرَاهِيمَ وَابنهِ إِسْمَاعِيلَ (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) هذا من نعمة الله وَمَنّهِ على المُسلمين أن أقامَ لهم دولة ترعى الحرمين الشريفين، وترعى مَنْ يَفِد إليهما مِن المُسلمين من مشارِق الأرضِ ومغاربها، هذا من نعمة الله، والله- جَلَّ وعلا- وَفّرَ لها الأرزاق، وفَتَحَ لها الكنوز التي تُقويها على تنفيذ هذه المشاريع العظيمة التي تُمكّن المُقيمينَ والقادمينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، وهذا مِنْ مَنّ الله على هذه البلاد-وللهِ الحمد- ومما تَمتاز بهِ على بلاد العالِم، فأمنُ هذه البِلاد أمنٌ للعالم الإسلامي كله من حُجّاجهِ وعُمّارِهِ، وسُكّان الحرمين الشريفين ومن حولهُما وهذا مِن منّ اللهِ وكرمهِ، وذلك بسبب تحكيم شرعِ الله المُطّهَر، وتصحيح العقيدة مما عَلِقَ بها، والحُكُم بما أنزَلَ الله، كل هذا من مَنّ الله على هذه البِلاد،وسبّب لها تَوّفر الأمنّ والاستقرار ، ووفرّ لها رَغَد العيش، وكُل ما أنّعم الله به علي هذه البِلاد، مما هو ظاهرٌ ومُشاهَد فللهِ الحمدُ والمِنّة، ونشكُر القائمين على هذه البِلاد مِن وُلاةِ أمورها الذين تعاقبوا عليها وحَفِظوها بِحفظِ الله-عَزَّوَجَلّ- وأقاموا فيها شرع الله، وأنصّفوا المظلوم مِنَ الظالِم، حتى هدأت واستقرّت، ونسألُ اللهَ لها أن تستّمر فهي البلاد التي هي عينُ بلاد العالم الإسلامي، وقُرّة أعيّن بلاد العالَم الإسلامي، فأمْنُها أمنٌ للمسلمين في كُلِ مكان، والله-جَلَّ وَعلا- وَفّر لها هذا بِمنّهِ وكرمهِ، إجابةً لِدعوةِ إِبْرَاهِيمَ (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ)، (ُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) دعوات الخليل- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ )، قالَ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-( دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم) (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) قد تَوّفر هذا ولله الحمد والمنّة ولا نزال نسيرُ على ضوءهِ وعلى آثارهِ.نسألُ الله أن يُوفق القائمين على هذه البلاد، أن يُوفقهم على مواصلة الجهود وبذل المجهود، وهم فاعلونّ إن شاء الله، والحمد لله ربِ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.