الكتاب
المتن:
الأَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ تَمامِ الاجْتِماعِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لمَنْ تَأَمَّرَ عَلَيْنا -وَلَوْ كانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ فَبَيَّنَ اللهُ هَذا بَيانًا شافِيًا كافِيًا بِوُجُوهٍ مِنْ أَنْواعِ الْبَيَانِ شَرْعًا وَقَدَرًا، ثُمَّ صارَ هَذا الأَصْلُ لا يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟!
الشرح:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيِم، الْحَمْدُ للهِ، والَّصَلاة وَالَّسَلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ نَبِينَا مُحَمَد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِيهِ.
قال-رَحِمَهُ الله- الأصل الثالث يعني من الأُصول الستة التي ذكرها الشيخ الإمام مُحمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- السمع والطاعة لمن ولاهُ الله أمر المُسلمين قال: الله-جَلَّ وَعَلَا- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)هكذا أمرنا الله-جَلَّ وَعَلَا-أن نُطيع الله أولًا ثُم نطيع الرسول لأنهُ مبلغٌ عن الله(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)ما قال أطيعوا الله والرسول قال: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)الرسول لهُ طاعة والله لهُ طاعة لأن الرسول مبلغٌ عن الله الأصل أن الطاعة لله-سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- والرسول مبلغٌ عن الله(وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) فلو أن الرسول أمر بأمرٍ ليس في القرآن أو نهى عن نهيٍ ليس بالقرآن تجيبُ طاعتهُ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)ما قال وأطيعوا أولي الأمر منكم قال: (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) يعني أنهم يُطاعون إذا أطاعوا الله ورسولهُ تبع لأنهم تبع طاعتهم تبع لطاعة الله وطاعة رسولهِ وليسوا يُطاعون استقلالًا وإنما يُطاعون في ما يُوافق كِتاب الله وسُنة رسُولهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فهذا هو الأصل أصلٌ من الأُصول الستة طاعة ولاة الأُمور ولاة أُمور المُسلمين لقولهِ تعالى: (مِنْكُمْ) يعني من المُسلمين أما الذي ليس من المُسلمين، الذي ارتد أو كفر فليس لهُ سمعٌ ولا طاعة.
المتن:
الأَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ تَمامِ الاجْتِماعِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لمَنْ تَأَمَّرَ عَلَيْنا -وَلَوْ كانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا
الشرح:
ولو كان عبدًا، ما يُنظر إلى شخصهِ يُنظر منصبه وشخصهُ قد يكون عبد حبشي أسود، ما ننظر إلى صفته ولا إلى شخصهِ ولا إلى كونهِ لهُ نسبٌ عربي أو نسبٌ أعجميِّ ننظر إلى منصبهِ وهو أنهُ ولي أمر المُسلمين فنُطيعهُ في ذلك نُطعهُ ما أطاع الله وأطاع الرسول لأن طاعة ولاة المُسلمين أصلٌ من أُصول الإسلام.
المتن:
فَبَيَّنَ اللهُ هَذا بَيانًا شافِيًا كافِيًا بِوُجُوهٍ مِنْ أَنْواعِ الْبَيَانِ شَرْعًا وَقَدَرًا
الشرح:
الله-جَلَّ وَعَلَا- بين وجوب طاعة ولاة الأُمور بيانًا شافيًا وبينهُ الرسُول-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيانًا لا لبس فيهِ وذلك لأجلِ جمع الكلمة، جمع كلمة المُسلمين، فلا جماعة إلا بإمام ولا إمام إلا بسمعٍ وطاعة، فلا بد من معرفة هذا الأصل العظيم وهذا هو مذهب أهل السُنة والجماعة خلافًا للخوارج الذين يخرجون على ولاة الأُمور ويُنازعونهم في الأمر وخِلافًا للمعتزلة الذين يعتبرون الخروج على ولاة الأُمور يعتبرونهُ أصلًا من أُصولهم يسمونهُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخروج على ولاة أمر المُسلمين هذا هو المنكر ليس هو المعروف هو المنكر، تجب طاعة ولاة الأُمور وليس من شرط وليِّ الأمر أن يكون مستقيمًا مئة بالمئة، قد يكون عندهُ بعض المُخالفات يكون عندهُ بعض الأمور لكن التي لا تصل إلى حد الكفر يُطاع ولو كان فاجرًا، طاعة ولاة الأمور أبرارًا كانوا أو فجارًا يعني فُساقًا ما لم يخرجوا عن الدين تجبُ طاعتهم، لأن هذا من جمع الكلمة ومن تفويت الأمر على الخوارج وعلى عُصاة بني آدم الذين ينازعون ولاة أمرهم يتفرق الكلمة وتسفك الدماء طاعة ولاة الأُمور المسلمين فيها مصالح: جمع الكلمة، عصمة الدماء، إيصال الحقوق إلى أهلها، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مصالح عظيمة بجمع الكلمة.
المتن:
ثُمَّ صارَ هَذا الأَصْلُ لا يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟!
الشرح:
صار هذا الأصل وهي طاعة ولاة أمور المسلمين لا يعرف عند كثير مِن مَنْ يدعي العلم، يدعون العلم وهم يجهلون هذا الأصل العظيم الذي هو بعد طاعة الله وطاعة رسولهِ طاعة ولاة الأُمور(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) يأتي بعد طاعة الله ورسوله هذا يجهلوهُ كثير مِنْ مَن يدعيَّ العلم، فكيف بالعوام وكيف بالجهال يجب التدقيق في هذا ولا يُعرف إلا بدراسة عقيدة أهل السُنة والجماعة دراستها دراسة فهم وتأمل والعمل بها والسير عليها هكذا.
المتن:
ثُمَّ صارَ هَذا الأَصْلُ لا يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟!
الشرح:
لا يُعرف فكيف العمل به، كيف العمل بطاعة ولاة الأُمور وهم لا يعرفونهُ، لا يعرفون هذا الأصل ولا تعلموه فحصل منهم ما حصل من النزاع، والشقاق تفريق الكلمة، وسفك الدماء، ضياع الحقوق وغير ذلك، كما هو معلومٌ قديمًا وحديثًا.
المتن:
الأَصْلُ الرَّابِعُ: بَيانُ الْعِلْمِ وَالْعُلَماءِ، وَالْفِقْهِ وَالْفُقَهَاءِ، وَبَيانُ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ
الشرح:
بيان من هم العلماء والفقهاء حقيقة ومن هم المُدعون للعلم وليسوا علماء، لازم معرفة هذا ما كل من ادْعىَّ أنه من العلماء يكون منهم حتى يُعرف ما هو عليهِ ومدى علمهِ وفقهه وأما الذين يدعون العلم فهؤلاء يُقال لهم الْمُتَعَالِمُون وهؤلاء أضلُ الناس هؤلاء شرٌ على الناس من غيرهم لأنهم يدعون أنهم علماء فيغتر بهم الناس فهذه مُصيبةٌ عظيمة على الأمة الْمُتَعَالِمُون مصيبة على الأمة يُقتدى بهم ويُؤخذ بقولهم وهم ليس عندهم علم العلم لا يؤخذ من الكتب لا يؤخذ من الجهال، لا يؤخذ من أهل الضلال إنما يؤخذ عن العلماء الراسخين المعرفين بالعلم المتقين هم الذين يؤخذ عنهم العلم ويُرحل إليهم ولو كانوا بعيدين يسافر إليهم لأجل أخذ العلم عنهم، تلقي العقيد الصحيحة عنهم هكذا يكون شأن المسلمين على بينة من أمرهم وعلى بصيرة من دينهم ولا يأخذون دينهم مِنْ مَنْ هب ودب إنما يأخذون دينهم عن العلماء الراسخين المعرفين بالعلم والعلم والطاعة والتقى.
المتن : الْأَصْلُ الرَابِعْ بَيَانُ الْعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالفِقْهِ وَالفُقَهَاء .
الشرح : يعني ما هو العلم ؟ العلم هو ما جاء عن الله ورسوله واجماع المسلمين هذا هو العلم ،ومن هم العلماء؟ هم الذين عرفوا هذا وتفقهوا فيه ودعوا إليه هؤلاء هم العلماء ، ما كل من ادعى العلم او ادعي إليه يكون عالما ، الآن ابتلينا بالمتعالمين ، ابتلينا بالذين يَّدعُون العلم وهم ليسوا من أهل العلم ولم يأخذوا العلم عن العلماء انما أخذوه عن أمثالهم أو قرأوه في الكتب وظنوا انهم علماء أو ما أشبه ذلك أو من دعاة الضلال وعُلماء الضلال ما كُلٌ يُؤخذ عنه العلم .
المتن : بَيَانُ الْعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالفِقْهِ وَالفُقَهَاء .
الشرح: الفقه هو الفهم في كتاب الله وسنة رسوله هذا هو الفقه، َقاَلَ – صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمْ- : " مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِهْه ُفِي الدِينْ" يعني يفهمه الدين على الوجه الصحيح لا على الادعاء والأباطيل وغير ذلك والدعايات ،لا انما فقه صحيح فهم لآيات الله وسنة رسوله- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم- .
المتن: الْأَصْلُ الرَابِعْ بَيَانُ الْعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالفِقْهِ وَالفُقَهَاء وبيان من تشبه بهم وليس منهم.
الشرح: هذه هي المشكلة من تشبه بهم وليس منهم هذا هو آفة الأمة من تشبه بالعلماء وهو ليس منهم هذا يجب أن يحذر منه وأن يحذر منه لأنه يضل الناس .
المتن : وَقَدْ بَيَّن اللهُ تَعَالَى هَذَا الْأَصْل فِي أَوَلِ سُورَة ِالْبقَرَة بِقَوْلهِ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ الَى قَوْلِهِ قَبْلَ ذِكْرِ اِبْرَاهِيم * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا كَالآيَة الأُولَى
الشرح: نعم بين الله هذا الأصل وهو العلم والعلماء في أول سورة البقرة التي هي سنام القرآن بيَّن هذا بيانًا شافيًا .
المتن : كَالآيَةِ الأُولَى وَيَزِيدَه ُوُضُوحًا مَا صَرَّحَتْ بِهِ الُسنَة في هَذَا مِنَ الْكَلَامِ الكَثِير الَوَاضِح للْعاَمي البَليِد ثمَّ صَارَ هَذَا أَضْعَفَ الأشْيَاء.
الشرح : صار هذا الأصل أضعف الأشياء لا يهتمون به ولا يعتنون به ولذلك حصل على الدين الاسلامي ما حصل من الفتن والشرور بسبب الجهل وبسبب أدعياء العلم والمتفقهين الذين لم يفقهوا دين الله – عَزَّوَجلَّ- ، التعالم هذا آفة عظيمة والتعالم هو أخذ العلم عن غير العلماء ، أخذه من الكتب والمطالعات ، أخذه عن الجهال وعن المتعالمين هذا هو آفة الدين وآفة المسلمين .
المتن ثمَّ صَارَ هَذَا أَضْعَفَ الأشْيَاء وَصَارَ العِلْم ُوَالفِقهُ هُوَ البِدَعْ وَالضَلاَلاَت.
الشرح: نعم صار العلم والفقه عند المتأخرين هو البدع والمحدثات والضلالات ، ليس العلم هو ما جاء عن الله ورسوله وانما هو حسب العادات والتقاليد وحسب ما يفعله فلان وما يقوله فلان وعلان لذلك حصل ما حصل من الفتن والشرور والجهل والظلمات المتراكمة ولا مخلص إلا بالرجوع الى العلم والعلماء ، الى الكتاب والسنة ،الى أخذ الدين عن أهله .
المتن : وَصَارَ العِلْم ُوَالفِقهُ هُوَ البِدَعْ وَالضَلاَلاَت وَخِيَارِ مَا عِنْدَهُم لَبْسُ الْحَقَّ بِالبَاطِل .
الشرح : نعم يخلطون الحق بالباطل ،لبس الحق بالباطل وقد نهى الله - جَلَّ وَعَلاَ – عن لبس الحق بالباطل * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* لبس الحق يعني خلط الحق بالباطل حتى يُلّبس على الناس انه حق هذا المشكل اللبس هو الخلط ، يخلط الحق مع الباطل حتى يدرج الباطل ويصدق ويؤخذ ولا يميز هذا من هذا .
المتن : وَصَارَ العِلْم ُالِّذي فَرَضَه ُاللهُ عَلَى الْخَلْق ومَدَحَه ُلَا يَتَفَوَه ُبِهِ إِلا زِنْدِيقٌ أَو مَجْنُون .
الشرح: نعم الذي يأتيهم بالعلم الصحيح يسفهونه ويقولون هذا متشدد ،هذا مجنون (ماعنده ) فكر (ماعنده )عقل ، العاقل عندهم هو الذي يمشي الأمور على ما يريدون هذا هو العاقل عندهم أما الذي يقول عليكم بالكتاب والسنة وعليكم بترك البدع والمحدثات هذا يسفهونه ويقولون هذا مجنون وهذا فيه ما فيه كما حصل للمصلحين والمجددين من هؤلاء الذين يسفهونهم ويجهلونهم ويضللونهم .
المتن : وَصَارَ العِلْم ُالِّذي فَرَضَه ُاللهُ عَلَى الْخَلْق ومَدَحَه ُلَا يَتَفَوَه ُبِهِ إِلا زِنْدِيقٌ أَو مَجْنُون .
الشرح : يسمونه عندهم يعني زنديق أو مجنون يصفونه بالأوصاف المنفرة لماذا؟ لأنه يدعو الى الحق ويدعو الى التمسك بالكتاب والسنة ويدعو الى السير على ما كان عليه سلف الأمة وأئمتها .
المتن : وَصَارَ مَنْ أنْكَرَهُ وَعَاَدَاه ُوَجَّدّ فِي التَحْذِيرِ عَنْه وَالنَهْي عَنْه هُوَ الفَقِيهُ العَالِم .
الشرح :نعم هذا عندهم الذي يخرج عن الحق ويجاري الناس على ما هم عليه ويداريهم على ما هو عليه هذا هو العاقل وهو الحصيف وهو المفكر الى آخر ما يمدحونه به أما الذي يتمسك ويدعو الناس الى التمسك فهذا مجنون وزنديق وخارج عن الحق الى آخره
الأَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ تَمامِ الاجْتِماعِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لمَنْ تَأَمَّرَ عَلَيْنا -وَلَوْ كانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ فَبَيَّنَ اللهُ هَذا بَيانًا شافِيًا كافِيًا بِوُجُوهٍ مِنْ أَنْواعِ الْبَيَانِ شَرْعًا وَقَدَرًا، ثُمَّ صارَ هَذا الأَصْلُ لا يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟!
الشرح:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيِم، الْحَمْدُ للهِ، والَّصَلاة وَالَّسَلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ نَبِينَا مُحَمَد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِيهِ.
قال-رَحِمَهُ الله- الأصل الثالث يعني من الأُصول الستة التي ذكرها الشيخ الإمام مُحمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- السمع والطاعة لمن ولاهُ الله أمر المُسلمين قال: الله-جَلَّ وَعَلَا- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)هكذا أمرنا الله-جَلَّ وَعَلَا-أن نُطيع الله أولًا ثُم نطيع الرسول لأنهُ مبلغٌ عن الله(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)ما قال أطيعوا الله والرسول قال: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)الرسول لهُ طاعة والله لهُ طاعة لأن الرسول مبلغٌ عن الله الأصل أن الطاعة لله-سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- والرسول مبلغٌ عن الله(وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) فلو أن الرسول أمر بأمرٍ ليس في القرآن أو نهى عن نهيٍ ليس بالقرآن تجيبُ طاعتهُ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)ما قال وأطيعوا أولي الأمر منكم قال: (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) يعني أنهم يُطاعون إذا أطاعوا الله ورسولهُ تبع لأنهم تبع طاعتهم تبع لطاعة الله وطاعة رسولهِ وليسوا يُطاعون استقلالًا وإنما يُطاعون في ما يُوافق كِتاب الله وسُنة رسُولهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فهذا هو الأصل أصلٌ من الأُصول الستة طاعة ولاة الأُمور ولاة أُمور المُسلمين لقولهِ تعالى: (مِنْكُمْ) يعني من المُسلمين أما الذي ليس من المُسلمين، الذي ارتد أو كفر فليس لهُ سمعٌ ولا طاعة.
المتن:
الأَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ تَمامِ الاجْتِماعِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لمَنْ تَأَمَّرَ عَلَيْنا -وَلَوْ كانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا
الشرح:
ولو كان عبدًا، ما يُنظر إلى شخصهِ يُنظر منصبه وشخصهُ قد يكون عبد حبشي أسود، ما ننظر إلى صفته ولا إلى شخصهِ ولا إلى كونهِ لهُ نسبٌ عربي أو نسبٌ أعجميِّ ننظر إلى منصبهِ وهو أنهُ ولي أمر المُسلمين فنُطيعهُ في ذلك نُطعهُ ما أطاع الله وأطاع الرسول لأن طاعة ولاة المُسلمين أصلٌ من أُصول الإسلام.
المتن:
فَبَيَّنَ اللهُ هَذا بَيانًا شافِيًا كافِيًا بِوُجُوهٍ مِنْ أَنْواعِ الْبَيَانِ شَرْعًا وَقَدَرًا
الشرح:
الله-جَلَّ وَعَلَا- بين وجوب طاعة ولاة الأُمور بيانًا شافيًا وبينهُ الرسُول-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيانًا لا لبس فيهِ وذلك لأجلِ جمع الكلمة، جمع كلمة المُسلمين، فلا جماعة إلا بإمام ولا إمام إلا بسمعٍ وطاعة، فلا بد من معرفة هذا الأصل العظيم وهذا هو مذهب أهل السُنة والجماعة خلافًا للخوارج الذين يخرجون على ولاة الأُمور ويُنازعونهم في الأمر وخِلافًا للمعتزلة الذين يعتبرون الخروج على ولاة الأُمور يعتبرونهُ أصلًا من أُصولهم يسمونهُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخروج على ولاة أمر المُسلمين هذا هو المنكر ليس هو المعروف هو المنكر، تجب طاعة ولاة الأُمور وليس من شرط وليِّ الأمر أن يكون مستقيمًا مئة بالمئة، قد يكون عندهُ بعض المُخالفات يكون عندهُ بعض الأمور لكن التي لا تصل إلى حد الكفر يُطاع ولو كان فاجرًا، طاعة ولاة الأمور أبرارًا كانوا أو فجارًا يعني فُساقًا ما لم يخرجوا عن الدين تجبُ طاعتهم، لأن هذا من جمع الكلمة ومن تفويت الأمر على الخوارج وعلى عُصاة بني آدم الذين ينازعون ولاة أمرهم يتفرق الكلمة وتسفك الدماء طاعة ولاة الأُمور المسلمين فيها مصالح: جمع الكلمة، عصمة الدماء، إيصال الحقوق إلى أهلها، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مصالح عظيمة بجمع الكلمة.
المتن:
ثُمَّ صارَ هَذا الأَصْلُ لا يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟!
الشرح:
صار هذا الأصل وهي طاعة ولاة أمور المسلمين لا يعرف عند كثير مِن مَنْ يدعي العلم، يدعون العلم وهم يجهلون هذا الأصل العظيم الذي هو بعد طاعة الله وطاعة رسولهِ طاعة ولاة الأُمور(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) يأتي بعد طاعة الله ورسوله هذا يجهلوهُ كثير مِنْ مَن يدعيَّ العلم، فكيف بالعوام وكيف بالجهال يجب التدقيق في هذا ولا يُعرف إلا بدراسة عقيدة أهل السُنة والجماعة دراستها دراسة فهم وتأمل والعمل بها والسير عليها هكذا.
المتن:
ثُمَّ صارَ هَذا الأَصْلُ لا يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟!
الشرح:
لا يُعرف فكيف العمل به، كيف العمل بطاعة ولاة الأُمور وهم لا يعرفونهُ، لا يعرفون هذا الأصل ولا تعلموه فحصل منهم ما حصل من النزاع، والشقاق تفريق الكلمة، وسفك الدماء، ضياع الحقوق وغير ذلك، كما هو معلومٌ قديمًا وحديثًا.
المتن:
الأَصْلُ الرَّابِعُ: بَيانُ الْعِلْمِ وَالْعُلَماءِ، وَالْفِقْهِ وَالْفُقَهَاءِ، وَبَيانُ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ
الشرح:
بيان من هم العلماء والفقهاء حقيقة ومن هم المُدعون للعلم وليسوا علماء، لازم معرفة هذا ما كل من ادْعىَّ أنه من العلماء يكون منهم حتى يُعرف ما هو عليهِ ومدى علمهِ وفقهه وأما الذين يدعون العلم فهؤلاء يُقال لهم الْمُتَعَالِمُون وهؤلاء أضلُ الناس هؤلاء شرٌ على الناس من غيرهم لأنهم يدعون أنهم علماء فيغتر بهم الناس فهذه مُصيبةٌ عظيمة على الأمة الْمُتَعَالِمُون مصيبة على الأمة يُقتدى بهم ويُؤخذ بقولهم وهم ليس عندهم علم العلم لا يؤخذ من الكتب لا يؤخذ من الجهال، لا يؤخذ من أهل الضلال إنما يؤخذ عن العلماء الراسخين المعرفين بالعلم المتقين هم الذين يؤخذ عنهم العلم ويُرحل إليهم ولو كانوا بعيدين يسافر إليهم لأجل أخذ العلم عنهم، تلقي العقيد الصحيحة عنهم هكذا يكون شأن المسلمين على بينة من أمرهم وعلى بصيرة من دينهم ولا يأخذون دينهم مِنْ مَنْ هب ودب إنما يأخذون دينهم عن العلماء الراسخين المعرفين بالعلم والعلم والطاعة والتقى.
المتن : الْأَصْلُ الرَابِعْ بَيَانُ الْعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالفِقْهِ وَالفُقَهَاء .
الشرح : يعني ما هو العلم ؟ العلم هو ما جاء عن الله ورسوله واجماع المسلمين هذا هو العلم ،ومن هم العلماء؟ هم الذين عرفوا هذا وتفقهوا فيه ودعوا إليه هؤلاء هم العلماء ، ما كل من ادعى العلم او ادعي إليه يكون عالما ، الآن ابتلينا بالمتعالمين ، ابتلينا بالذين يَّدعُون العلم وهم ليسوا من أهل العلم ولم يأخذوا العلم عن العلماء انما أخذوه عن أمثالهم أو قرأوه في الكتب وظنوا انهم علماء أو ما أشبه ذلك أو من دعاة الضلال وعُلماء الضلال ما كُلٌ يُؤخذ عنه العلم .
المتن : بَيَانُ الْعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالفِقْهِ وَالفُقَهَاء .
الشرح: الفقه هو الفهم في كتاب الله وسنة رسوله هذا هو الفقه، َقاَلَ – صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمْ- : " مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِهْه ُفِي الدِينْ" يعني يفهمه الدين على الوجه الصحيح لا على الادعاء والأباطيل وغير ذلك والدعايات ،لا انما فقه صحيح فهم لآيات الله وسنة رسوله- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم- .
المتن: الْأَصْلُ الرَابِعْ بَيَانُ الْعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ وَالفِقْهِ وَالفُقَهَاء وبيان من تشبه بهم وليس منهم.
الشرح: هذه هي المشكلة من تشبه بهم وليس منهم هذا هو آفة الأمة من تشبه بالعلماء وهو ليس منهم هذا يجب أن يحذر منه وأن يحذر منه لأنه يضل الناس .
المتن : وَقَدْ بَيَّن اللهُ تَعَالَى هَذَا الْأَصْل فِي أَوَلِ سُورَة ِالْبقَرَة بِقَوْلهِ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ الَى قَوْلِهِ قَبْلَ ذِكْرِ اِبْرَاهِيم * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا كَالآيَة الأُولَى
الشرح: نعم بين الله هذا الأصل وهو العلم والعلماء في أول سورة البقرة التي هي سنام القرآن بيَّن هذا بيانًا شافيًا .
المتن : كَالآيَةِ الأُولَى وَيَزِيدَه ُوُضُوحًا مَا صَرَّحَتْ بِهِ الُسنَة في هَذَا مِنَ الْكَلَامِ الكَثِير الَوَاضِح للْعاَمي البَليِد ثمَّ صَارَ هَذَا أَضْعَفَ الأشْيَاء.
الشرح : صار هذا الأصل أضعف الأشياء لا يهتمون به ولا يعتنون به ولذلك حصل على الدين الاسلامي ما حصل من الفتن والشرور بسبب الجهل وبسبب أدعياء العلم والمتفقهين الذين لم يفقهوا دين الله – عَزَّوَجلَّ- ، التعالم هذا آفة عظيمة والتعالم هو أخذ العلم عن غير العلماء ، أخذه من الكتب والمطالعات ، أخذه عن الجهال وعن المتعالمين هذا هو آفة الدين وآفة المسلمين .
المتن ثمَّ صَارَ هَذَا أَضْعَفَ الأشْيَاء وَصَارَ العِلْم ُوَالفِقهُ هُوَ البِدَعْ وَالضَلاَلاَت.
الشرح: نعم صار العلم والفقه عند المتأخرين هو البدع والمحدثات والضلالات ، ليس العلم هو ما جاء عن الله ورسوله وانما هو حسب العادات والتقاليد وحسب ما يفعله فلان وما يقوله فلان وعلان لذلك حصل ما حصل من الفتن والشرور والجهل والظلمات المتراكمة ولا مخلص إلا بالرجوع الى العلم والعلماء ، الى الكتاب والسنة ،الى أخذ الدين عن أهله .
المتن : وَصَارَ العِلْم ُوَالفِقهُ هُوَ البِدَعْ وَالضَلاَلاَت وَخِيَارِ مَا عِنْدَهُم لَبْسُ الْحَقَّ بِالبَاطِل .
الشرح : نعم يخلطون الحق بالباطل ،لبس الحق بالباطل وقد نهى الله - جَلَّ وَعَلاَ – عن لبس الحق بالباطل * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* لبس الحق يعني خلط الحق بالباطل حتى يُلّبس على الناس انه حق هذا المشكل اللبس هو الخلط ، يخلط الحق مع الباطل حتى يدرج الباطل ويصدق ويؤخذ ولا يميز هذا من هذا .
المتن : وَصَارَ العِلْم ُالِّذي فَرَضَه ُاللهُ عَلَى الْخَلْق ومَدَحَه ُلَا يَتَفَوَه ُبِهِ إِلا زِنْدِيقٌ أَو مَجْنُون .
الشرح: نعم الذي يأتيهم بالعلم الصحيح يسفهونه ويقولون هذا متشدد ،هذا مجنون (ماعنده ) فكر (ماعنده )عقل ، العاقل عندهم هو الذي يمشي الأمور على ما يريدون هذا هو العاقل عندهم أما الذي يقول عليكم بالكتاب والسنة وعليكم بترك البدع والمحدثات هذا يسفهونه ويقولون هذا مجنون وهذا فيه ما فيه كما حصل للمصلحين والمجددين من هؤلاء الذين يسفهونهم ويجهلونهم ويضللونهم .
المتن : وَصَارَ العِلْم ُالِّذي فَرَضَه ُاللهُ عَلَى الْخَلْق ومَدَحَه ُلَا يَتَفَوَه ُبِهِ إِلا زِنْدِيقٌ أَو مَجْنُون .
الشرح : يسمونه عندهم يعني زنديق أو مجنون يصفونه بالأوصاف المنفرة لماذا؟ لأنه يدعو الى الحق ويدعو الى التمسك بالكتاب والسنة ويدعو الى السير على ما كان عليه سلف الأمة وأئمتها .
المتن : وَصَارَ مَنْ أنْكَرَهُ وَعَاَدَاه ُوَجَّدّ فِي التَحْذِيرِ عَنْه وَالنَهْي عَنْه هُوَ الفَقِيهُ العَالِم .
الشرح :نعم هذا عندهم الذي يخرج عن الحق ويجاري الناس على ما هم عليه ويداريهم على ما هو عليه هذا هو العاقل وهو الحصيف وهو المفكر الى آخر ما يمدحونه به أما الذي يتمسك ويدعو الناس الى التمسك فهذا مجنون وزنديق وخارج عن الحق الى آخره