الكتاب
بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمنِ الَّرَحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ ربِ الْعالَمِين وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلى نَبِينَا مُحَمَد وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
سُئِلَ الَّشَيخ مُحمَد بِنْ عَبد الْوَهاب -رَحِمَهُ- عَنْ مَعْنَى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، فَأَجَاب:
اعْلَم رَحِمَكَ الله أنّ هَذهِ الْكَلِمَة هِي الفَارِقَة بَيْنَ الْكُفْرِ وَالإِسْلاَم، وَهِيَّ كَلِمَة الَّتَقْوَى، وَهِيَّ الْعُرْوَة الْوثْقَى، وَهِيَ الَّتِي جَعَلَهَا إبْرَاهِيم -عَلَيْهِ الَّسَلاَم- كَلِمةً بَاقِيَةً فِي عَقْبِهِ لَعَلَهُم يَرْجِعُون.
الشرح:
بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمنِ الَّرَحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ ربِ الْعالَمِين وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلى نَبِينَا مُحَمَد وَعَلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أَجْمَعِين.
هذا جواب الشيخ -رَحِمَهُ الله- عن من سألهُ عن معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله لأن لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ليست مُجرد لفظ يُقال، بل لا بُدَّ أن يقولها المُسلم عارفًا لمعنها عاملًا بمقتضاها لا بد من هذا فلها معنى ولها مُقْتضى، أما معناها فلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله لا معبود، لان الإله هو المعبود (لا معبودًا بحقٍ إلا الله) هذا معناها ولا يكفي أن تقول لا معبود إلا الله هذا معنًا باطل لا بُد أن تكون لا معبود بحق بهذا القيد لأن المعبودات كثيرة، فهل كل المعبودات هي الله حشى وكل، فلا معبودًا بحقٍ إلا الله هذا معناها، مُقْتضاها أنهُ إذا قالها عارفًا لمعناها أن يُفرد الله بالعبادة لأن كثير من الناس يقولونها ويشركون بالله، يدعون القبور يدعون الأولِياء والصالحين يدعون من دون الله-عَزَّ وَجَلَّ- وهم يقولون لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله المشركون الأولون أبوا أن يقولونها لأنهم إذا قالوها أبطلوا عبادة أصنامهم وهم لا يُريدون ذلك، أما هؤلاءِ المُتأخرون عبدت القبور هم يقولنها ويُخالفونها ويعبدون غير الله يتناقضون، المُشركون الأولون أبوا التناقض وهؤلاء قالوها وعبدوا غير الله فتناقضوا، لما قال الَّنَبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمشركين لقريش لأقرب الناس إليه (قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله تُفْلِحُوا) قالوا (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً ) شوف يفهمون معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أنهُ لا معبود بحق إلا الله وهم لا يُريدون ذلك فأبوا أن يقولوها (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) يعرفون أنهم إذا قالوها تركوا آلهتهم وهؤلاء القبوريون المتأخرون يقولونها ولا يتركون عبادة القبور والأضرحة فصار الأولون أحذق منهم المشركون الأولون أحذق منهم وأفهم منهم وهؤلاء البلهاء يقولونها ويُناقضونها ومنهم من لا يقولها بتمامها لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله نفيٌ وإثبات، نفيُ الإلوهية عما سوى الله وإثباتها لله وحده لا شريك له هذا معناها كما في قولِهِ تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) فهي العروة الوثقى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله هي العروة الوثقى وهي كلمة التقوى هي العروة الوثقى (فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) هي العروة الوثقى ولا بد من الإتيان بها كاملة لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله لأن هناك من لا يأتي بها كاملة كالصوفية يقولون الله،الله، الله، الله،الله (أيش) ما هو هذا بذكر هذا اسمٌ مفرد ما يكفي لا بد أن يقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، أما الله، الله هذا ما يكفي بل منهم من يقول هو، هو،هو ضمير ما يأتي بالاسم الصريح يقول هو،هو هذه أذكارهم الباطلة ، فلا بد أن يقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله بهذا اللفظ ولا بد أن يكون عارفًا لمعناها أنه لا معبود بحق إلا الله ولا بد أن يكون عاملًا بمقتضاها فيترك عبادة غير الله هكذا ما هي مجرد كلمة قال-صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل الَّناس حَتىَّ يَقُولوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله) ما قال حتى يقولوا هو، هو أو حتى يقولوا الله، الله لا حتى يقولوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِي دِمَائَهُم وَأَمْوَالَهُم إلا بِحَقِيهَا وَحِسَابُهُم عَلى الله) -سُبْحَانهُ وَتَعَالى- يقبل منهم ظاهرهم ويكلو باطنهم إلى الله سُبْحَانهُ وَتَعَالى-هو الذي يحاسبهم حسابهم على الله وهو يكف عن من قال لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ولا يقتلهُ يقبل منهُ الظاهر والباطن إلى الله سُبْحانه (حَتىَّ يَقُولوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِي دِمَائَهُم وَأَمْوَالَهُم ) إلا إذا كانوا يقولونها ولا يعملون بها يعبدون القبور وإلا لهم أذكار صباحية ومسائية وترديدات لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ثم يقولون يا فلان يا فلان من الموتى وأصحاب القبور اقضي حاجتي فرج همي إلى غير ذلك من طلب الحوائج من الأموات وهم يقولون لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله هذا تناقض المشركون الأولون أبوا أن يتناقضوا وبقوا على شركهم وآلهتهم فهي كلمة عظيمة ولهذا قال إبراهيم –عَلَيْهِ الَّصَلاة وَالَّسلام- لأبيهِ وقومه (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي) هذا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (بَرَاءٌ) هذا لا إله (إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي) هذا إلا الله، هذا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ* وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) جعل إبراهيم هذه الكلمة باقية لا يزال في ذرية إبراهيم من يقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله حتى بُعيث محمد –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بها بلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ومحمد من ذرية إبراهيم –عَلَيْهِم الَّصَلاة وَالَّسلام- (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إليها ويتركوا عبادة غير الله -سُبْحَانهُ وَتَعَالى-هذه ملة إبراهيم –عَلَيْهِ الَّصَلاة وَالَّسلام- ملة التوحيد والإخلاص لله –عَزَّ وَجَلَّ- فبعث الله محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذه الكلمة وهو من ذرية إبراهيم –عَلَيْهِم الَّصَلاة وَالَّسلام- فهي كلمةٌ عظيمة ولا بد إذا قالها أن يعرف معناها ولا بد إذا عرف معناها أن يعمل بمقتضاها. ولا بُدَّ إذا عرف معناها أن يعمل بمقتضاها فلا يدعو إلا الله ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له هذه لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله كلمةٌ عظيمة هي كلمة التقوى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) وهي العروة الوثقى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا) فيكفر بالطاغوت ويؤمن بالله هذا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله يكفر بالطاغوت هذا معنى النفي ويؤمن بالله هذا معنى الإثبات (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) فجاءت هذه الكلمة في القرآن لفظًا وجاءت معنى جاءت لفظًا في قوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) وجاءت معنًا (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فهي كلمةٌ عظيمة يجب على المسلم أن يعرفَ معناها وأن يعمل بمقتضاها ظاهرًا وباطنًا ولا يقولها وهو باقٍ على عبادة غير الله أو دعوة غير الله فإن هذا تناقضٌ باطل تناقضٌ باطل إذا عبد غير الله أبطل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وإن كان يرددها في الصباح والمساء لكن يبطلها إذا دعا الحسين وعلي وعبد القادر الجيلاني وفلان يقول هؤلاء أولياء يقربوننا إلى الله زلفى كما قال -جَلَّ وَعَلاَ- (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) ويقولون أيضًا (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) سُبحَان الله يتناقضون يقولون لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ويعبدون غير الله .
ما معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله إذًا فالواجب أن يعرف المسلم هذه الكلمة العظيمة يعرف معناها ويعرف مقتضاها يعرف شروطها ويتمسك بها حتى تنفعه تكون له حجة عند الله.
لما حضرت أبا طالبٍ الوفاة عم الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان الرسول حريصًا على أن يدخل في الإسلام حريص جدًا لكنَّ الله ما أراد لهُ الهداية لمّا حضرته الوفاة جاءه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في سكرات الموت وعنده أُناس من المشركين فقال ياعم قل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله كلمةً أُحاجّ لك بها عند الله فقال له المشركون الحاضرون أتتركُ مِلّة عبد المطلب فقال ياعم قل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله كلمةً أُحاجّ لك بها عند الله قال المشركون الذين حضروا عنده أتتركُ مِلَّة عبد المطلب (شوف) يفهمون أن معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ترك عبادة غير الله يفهمون هذا أتتركُ ملة عبد المطلب هو ما قال له أترك ملة عبد المطلب قال له قل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله هم فهموا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أتترك ملة عبد المطلب فقال والعياذ بالله آخر كلمة هو على ملة عبد المطلب ومات على ذلك.
فقال النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-(لاَسْتَغْفِرَنَ لَكَ مَا لَمْ أُنْهىَ عَنْكَ) حتى بعد موته من حرصه عليه -(لاَسْتَغْفِرَنَ لَكَ) فأنزل الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) أسأل الله العافية فهذه الكلمة عظيمة لكن ما يكفي التلفظ بها لا بُدَّ من تحقيقها بالعلم والعمل وترك عبادة غير الله -عز وجل- أما من يقولها وهو يدعو غير الله هذا متناقض مشرك ولا تنفعه لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ولو قالها آلاف المرات هم يقولونها لهم أذكار ولهم أذكارًا صباحية ومسائية لكن يدعون غير الله فلا تنفعهم هذه الأذكار ولا هذه الأوراد التي يأتون بها؛ لأنهم يتناقضون فيما يقولون، فعلهم يخالفُ قولهم والعياذ بالله فلا يعملون بمقتضاها.
نسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلى نَبِينَا مُحَمَد وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أجْمَعِين .
الْحَمْدُ للهِ ربِ الْعالَمِين وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلى نَبِينَا مُحَمَد وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
سُئِلَ الَّشَيخ مُحمَد بِنْ عَبد الْوَهاب -رَحِمَهُ- عَنْ مَعْنَى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، فَأَجَاب:
اعْلَم رَحِمَكَ الله أنّ هَذهِ الْكَلِمَة هِي الفَارِقَة بَيْنَ الْكُفْرِ وَالإِسْلاَم، وَهِيَّ كَلِمَة الَّتَقْوَى، وَهِيَّ الْعُرْوَة الْوثْقَى، وَهِيَ الَّتِي جَعَلَهَا إبْرَاهِيم -عَلَيْهِ الَّسَلاَم- كَلِمةً بَاقِيَةً فِي عَقْبِهِ لَعَلَهُم يَرْجِعُون.
الشرح:
بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمنِ الَّرَحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ ربِ الْعالَمِين وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلى نَبِينَا مُحَمَد وَعَلى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أَجْمَعِين.
هذا جواب الشيخ -رَحِمَهُ الله- عن من سألهُ عن معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله لأن لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ليست مُجرد لفظ يُقال، بل لا بُدَّ أن يقولها المُسلم عارفًا لمعنها عاملًا بمقتضاها لا بد من هذا فلها معنى ولها مُقْتضى، أما معناها فلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله لا معبود، لان الإله هو المعبود (لا معبودًا بحقٍ إلا الله) هذا معناها ولا يكفي أن تقول لا معبود إلا الله هذا معنًا باطل لا بُد أن تكون لا معبود بحق بهذا القيد لأن المعبودات كثيرة، فهل كل المعبودات هي الله حشى وكل، فلا معبودًا بحقٍ إلا الله هذا معناها، مُقْتضاها أنهُ إذا قالها عارفًا لمعناها أن يُفرد الله بالعبادة لأن كثير من الناس يقولونها ويشركون بالله، يدعون القبور يدعون الأولِياء والصالحين يدعون من دون الله-عَزَّ وَجَلَّ- وهم يقولون لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله المشركون الأولون أبوا أن يقولونها لأنهم إذا قالوها أبطلوا عبادة أصنامهم وهم لا يُريدون ذلك، أما هؤلاءِ المُتأخرون عبدت القبور هم يقولنها ويُخالفونها ويعبدون غير الله يتناقضون، المُشركون الأولون أبوا التناقض وهؤلاء قالوها وعبدوا غير الله فتناقضوا، لما قال الَّنَبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للمشركين لقريش لأقرب الناس إليه (قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله تُفْلِحُوا) قالوا (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً ) شوف يفهمون معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أنهُ لا معبود بحق إلا الله وهم لا يُريدون ذلك فأبوا أن يقولوها (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) يعرفون أنهم إذا قالوها تركوا آلهتهم وهؤلاء القبوريون المتأخرون يقولونها ولا يتركون عبادة القبور والأضرحة فصار الأولون أحذق منهم المشركون الأولون أحذق منهم وأفهم منهم وهؤلاء البلهاء يقولونها ويُناقضونها ومنهم من لا يقولها بتمامها لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله نفيٌ وإثبات، نفيُ الإلوهية عما سوى الله وإثباتها لله وحده لا شريك له هذا معناها كما في قولِهِ تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) فهي العروة الوثقى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله هي العروة الوثقى وهي كلمة التقوى هي العروة الوثقى (فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) هي العروة الوثقى ولا بد من الإتيان بها كاملة لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله لأن هناك من لا يأتي بها كاملة كالصوفية يقولون الله،الله، الله، الله،الله (أيش) ما هو هذا بذكر هذا اسمٌ مفرد ما يكفي لا بد أن يقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، أما الله، الله هذا ما يكفي بل منهم من يقول هو، هو،هو ضمير ما يأتي بالاسم الصريح يقول هو،هو هذه أذكارهم الباطلة ، فلا بد أن يقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله بهذا اللفظ ولا بد أن يكون عارفًا لمعناها أنه لا معبود بحق إلا الله ولا بد أن يكون عاملًا بمقتضاها فيترك عبادة غير الله هكذا ما هي مجرد كلمة قال-صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل الَّناس حَتىَّ يَقُولوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله) ما قال حتى يقولوا هو، هو أو حتى يقولوا الله، الله لا حتى يقولوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِي دِمَائَهُم وَأَمْوَالَهُم إلا بِحَقِيهَا وَحِسَابُهُم عَلى الله) -سُبْحَانهُ وَتَعَالى- يقبل منهم ظاهرهم ويكلو باطنهم إلى الله سُبْحَانهُ وَتَعَالى-هو الذي يحاسبهم حسابهم على الله وهو يكف عن من قال لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ولا يقتلهُ يقبل منهُ الظاهر والباطن إلى الله سُبْحانه (حَتىَّ يَقُولوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِي دِمَائَهُم وَأَمْوَالَهُم ) إلا إذا كانوا يقولونها ولا يعملون بها يعبدون القبور وإلا لهم أذكار صباحية ومسائية وترديدات لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ثم يقولون يا فلان يا فلان من الموتى وأصحاب القبور اقضي حاجتي فرج همي إلى غير ذلك من طلب الحوائج من الأموات وهم يقولون لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله هذا تناقض المشركون الأولون أبوا أن يتناقضوا وبقوا على شركهم وآلهتهم فهي كلمة عظيمة ولهذا قال إبراهيم –عَلَيْهِ الَّصَلاة وَالَّسلام- لأبيهِ وقومه (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي) هذا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (بَرَاءٌ) هذا لا إله (إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي) هذا إلا الله، هذا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ* إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ* وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) جعل إبراهيم هذه الكلمة باقية لا يزال في ذرية إبراهيم من يقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله حتى بُعيث محمد –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بها بلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ومحمد من ذرية إبراهيم –عَلَيْهِم الَّصَلاة وَالَّسلام- (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إليها ويتركوا عبادة غير الله -سُبْحَانهُ وَتَعَالى-هذه ملة إبراهيم –عَلَيْهِ الَّصَلاة وَالَّسلام- ملة التوحيد والإخلاص لله –عَزَّ وَجَلَّ- فبعث الله محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذه الكلمة وهو من ذرية إبراهيم –عَلَيْهِم الَّصَلاة وَالَّسلام- فهي كلمةٌ عظيمة ولا بد إذا قالها أن يعرف معناها ولا بد إذا عرف معناها أن يعمل بمقتضاها. ولا بُدَّ إذا عرف معناها أن يعمل بمقتضاها فلا يدعو إلا الله ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له هذه لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله كلمةٌ عظيمة هي كلمة التقوى (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) وهي العروة الوثقى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا) فيكفر بالطاغوت ويؤمن بالله هذا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله يكفر بالطاغوت هذا معنى النفي ويؤمن بالله هذا معنى الإثبات (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) فجاءت هذه الكلمة في القرآن لفظًا وجاءت معنى جاءت لفظًا في قوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) وجاءت معنًا (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فهي كلمةٌ عظيمة يجب على المسلم أن يعرفَ معناها وأن يعمل بمقتضاها ظاهرًا وباطنًا ولا يقولها وهو باقٍ على عبادة غير الله أو دعوة غير الله فإن هذا تناقضٌ باطل تناقضٌ باطل إذا عبد غير الله أبطل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وإن كان يرددها في الصباح والمساء لكن يبطلها إذا دعا الحسين وعلي وعبد القادر الجيلاني وفلان يقول هؤلاء أولياء يقربوننا إلى الله زلفى كما قال -جَلَّ وَعَلاَ- (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) ويقولون أيضًا (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) سُبحَان الله يتناقضون يقولون لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ويعبدون غير الله .
ما معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله إذًا فالواجب أن يعرف المسلم هذه الكلمة العظيمة يعرف معناها ويعرف مقتضاها يعرف شروطها ويتمسك بها حتى تنفعه تكون له حجة عند الله.
لما حضرت أبا طالبٍ الوفاة عم الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان الرسول حريصًا على أن يدخل في الإسلام حريص جدًا لكنَّ الله ما أراد لهُ الهداية لمّا حضرته الوفاة جاءه الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في سكرات الموت وعنده أُناس من المشركين فقال ياعم قل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله كلمةً أُحاجّ لك بها عند الله فقال له المشركون الحاضرون أتتركُ مِلّة عبد المطلب فقال ياعم قل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله كلمةً أُحاجّ لك بها عند الله قال المشركون الذين حضروا عنده أتتركُ مِلَّة عبد المطلب (شوف) يفهمون أن معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ترك عبادة غير الله يفهمون هذا أتتركُ ملة عبد المطلب هو ما قال له أترك ملة عبد المطلب قال له قل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله هم فهموا معنى لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أتترك ملة عبد المطلب فقال والعياذ بالله آخر كلمة هو على ملة عبد المطلب ومات على ذلك.
فقال النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-(لاَسْتَغْفِرَنَ لَكَ مَا لَمْ أُنْهىَ عَنْكَ) حتى بعد موته من حرصه عليه -(لاَسْتَغْفِرَنَ لَكَ) فأنزل الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) أسأل الله العافية فهذه الكلمة عظيمة لكن ما يكفي التلفظ بها لا بُدَّ من تحقيقها بالعلم والعمل وترك عبادة غير الله -عز وجل- أما من يقولها وهو يدعو غير الله هذا متناقض مشرك ولا تنفعه لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله ولو قالها آلاف المرات هم يقولونها لهم أذكار ولهم أذكارًا صباحية ومسائية لكن يدعون غير الله فلا تنفعهم هذه الأذكار ولا هذه الأوراد التي يأتون بها؛ لأنهم يتناقضون فيما يقولون، فعلهم يخالفُ قولهم والعياذ بالله فلا يعملون بمقتضاها.
نسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلى نَبِينَا مُحَمَد وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أجْمَعِين .