المتن:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعل آله وأصحابه أجمعين، أما بعد
قال المؤلِّف –رحمهُ الله تعالى-:
بَابُ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ : أَحْرَمْتُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ
عَنْ أَنَسٍ-رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ :«قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَن عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَقَالَ: «فَقَالَ لِعَلِيٍّ :بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».
وَعَنْ أَبِي مُوسَى- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ، قَالَ: فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي لَفْظٍ قَالَ : «كَيْفَ قُلْتَ حِينَ أَحْرَمْتَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَهُ». َخْرَجَاهُ.
بَابُ التَّلْبِيَةِ وَصِفَتِهَا وَأَحْكَامِهَا .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضِيَ اللهُ عَنْهُما-: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَزِيدُ مَعَ هَذَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ جَابِرٍ-ضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنْ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ إلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ .
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ وَالتَّلْبِيَةِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَفِي رِوَايَةٍ : «إنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : كُنْ عَجَّاجًا ثَجَّاجًا. وَالْعَجُّ: التَّلْبِيَةُ، وَالثَّجُّ: نَحْرُ الْبُدْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ .
وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ سَأَلَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ، وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «كَانَ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ .
وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ -رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ جَمْعٍ إلَى مِنَى ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ
وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : يَرْفَعُ الْحَدِيثَ: «إنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ عَنْ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضِيَ اللهُ عَنْهُما- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: «يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ
عَنْ جَابِرٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَضَاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَحِلُّوا فَلَوْلَا الْهَدْيُ مَعِي فَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ ، قَالَ : فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ وَفَعَلْنَا كَمَا يَفْعَلُ الْحَلَالُ حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي رِوَايَةٍ :«أَهْلَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، فَطُفْنَا وَسَعَيْنَا ، ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَحِلَّ وَقَالَ: لَوْلَا هَدْيٌ لَحَلَلْتُ، ثُمَّ قَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مُتْعَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بَلْ هِيَ لِلْأَبَدِ» .رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً إلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَرُحْنَا إلَى مِنَى أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ- رضِيَ اللهُ عَنْها- قَالَتْ: «خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقِمْ عَلَى إحْرَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلَلْتُ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحْلِلْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: «قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ».
وَعَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا نَرَى إلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ: فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَذَكَرَتْ قِصَّتَهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرَ، وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: حِلٌّ كُلُّهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَ: «أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اجْعَلُوا إهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ وَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ) إلَى أَمْصَارِكُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعْلِقَا.
وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، قَالَ: وَنَحَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا وَذَبَحَ بِالْمُدْيَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحِينَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعل آله وأصحابه أجمعين، أما بعد
قال المؤلِّف –رحمهُ الله تعالى-:
بَابُ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ : أَحْرَمْتُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ
عَنْ أَنَسٍ-رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ :«قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَن عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَقَالَ: «فَقَالَ لِعَلِيٍّ :بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».
وَعَنْ أَبِي مُوسَى- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ، قَالَ: فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي لَفْظٍ قَالَ : «كَيْفَ قُلْتَ حِينَ أَحْرَمْتَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَكَرَهُ». َخْرَجَاهُ.
بَابُ التَّلْبِيَةِ وَصِفَتِهَا وَأَحْكَامِهَا .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضِيَ اللهُ عَنْهُما-: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ، وَالْمُلْكَ لَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَزِيدُ مَعَ هَذَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ جَابِرٍ-ضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنْ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ إلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ .
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ وَالتَّلْبِيَةِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَفِي رِوَايَةٍ : «إنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : كُنْ عَجَّاجًا ثَجَّاجًا. وَالْعَجُّ: التَّلْبِيَةُ، وَالثَّجُّ: نَحْرُ الْبُدْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ .
وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ سَأَلَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ، وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «كَانَ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ .
وَعَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ -رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ جَمْعٍ إلَى مِنَى ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ
وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : يَرْفَعُ الْحَدِيثَ: «إنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ عَنْ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضِيَ اللهُ عَنْهُما- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: «يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ
عَنْ جَابِرٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَضَاقَتْ بِهِ صُدُورُنَا، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَحِلُّوا فَلَوْلَا الْهَدْيُ مَعِي فَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ ، قَالَ : فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ وَفَعَلْنَا كَمَا يَفْعَلُ الْحَلَالُ حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي رِوَايَةٍ :«أَهْلَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ خَالِصًا لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ، فَقَدِمْنَا مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، فَطُفْنَا وَسَعَيْنَا ، ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَحِلَّ وَقَالَ: لَوْلَا هَدْيٌ لَحَلَلْتُ، ثُمَّ قَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مُتْعَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بَلْ هِيَ لِلْأَبَدِ» .رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَلِمُسْلِمٍ مَعْنَاهُ .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ- رضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً إلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ؛ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَرُحْنَا إلَى مِنَى أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ- رضِيَ اللهُ عَنْها- قَالَتْ: «خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقِمْ عَلَى إحْرَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ، فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلَلْتُ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحْلِلْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: «قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ».
وَعَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا نَرَى إلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ: فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَذَكَرَتْ قِصَّتَهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرَ، وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: حِلٌّ كُلُّهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَ: «أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اجْعَلُوا إهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ وَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ) إلَى أَمْصَارِكُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعْلِقَا.
وَعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، قَالَ: وَنَحَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا وَذَبَحَ بِالْمُدْيَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحِينَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد