: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَلَاةُ وَالسَلَامُ عَلَى َرَسُولِنَا الأَمِيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَيِه وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ وَاتِّبَاعِه أَزْكَى الصَلَاةُ وِالتَّسْلِيْم، وبَعْد،
أحمد اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- وأشكره،على تيسير هذا اللقاء المبارك، في هذا الصباح المبارك؛ في هذا المكان الطيب وهذا الإجتماع الكريم، ثم أشكر القائمين على هذا العمل الجليل، مديرًا ومدرسين وأسرة تدريس، كلهم والحمد لله يخدمون كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- تعليمًا وتدبرًا وعملًا؛ وهذا أشرف ما يكون في هذه الحياة، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ)، كتابٌ كريم، كتابٌ محفوظٌ بحفظ الله، لا يتطرق إليه الباطل، لا يأتيه الباطل، فإنه لكتابٌ كريم، (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
هذا الكتاب هو أشرف كتابٍ عرفه أهل الأرض، فهو كتابٌ مهيمنٌ على جميع الكتب السابقة من كتب الله -سُبْحَانَهُ-، وهو أعظمها وأشرفها وأجمعها لخيري الدنيا والآخرة، وأنتم تخدمون هذا الكتاب، تعلمًا وتعليمًا، وتدبرًا وعلمًا وعملا. فابشروا بالخير وتعاونوا على البر والتقوى، ونشَّأوا أبناء المسلمين على هذا الكتاب العظيم المبارك، مباركٌ من كل وجه؛ مباركٌ من جهة تعلمه وتعليمه، ومن جهة تدبره وتفهمه، ومن جهة العمل به، قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
وهذا القرآن لا يُحصل الانتفاع به إلَّا بالتعلم، والتدبر والتلاوة، والعمل، فهو كتابٌ مبارك من كل الجهات على من علمْه وعلى من تعلمه، وعلى من عَمِل به، والغاية والمقصود هو العمل بكتاب الله، لا بمجرد حفظه وتجويده، إنما هذه وسائل إلى العمل بكتابِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
فأنتم -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- في خير مكانٍ، حيث إنكم تعلمون كتاب الله، وتعلمونه ثم تخرجون إلى المجتمع أئمة في المساجد، وخطباء في المنابر، وقضاة في المحاكم، ودعاة إلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وإلى كتابه وسُنَّة رَسُولهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فأنتم من جند الله -عَزَّ وَجَلَّ- الذين يجاهدون في سبيل الله، فليس الجهاد مقصورًا على الجهاد بالسلاح! ولكن الجهاد يشمل: الجهاد بالدعوة إلى الله، ويشمل تعلم القرآن وتعليمه، ويشمل كل وجوه الخير، كله جهادٌ في سبيل الله، جهادٌ بالدعوة، وجهادٌ بالسلاح، وجهادٌ في ردَّ الشُبه والمفتريات التي تُحاك ضد الإسلام؛ كل هذا من الجهاد في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
وأنتم -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- اخترتُم أشرف مواطن الجهاد؛ وهو تعَلُّم كتاب لله وتعليمه، والعمل به، فنسألُ اللهَ -جَلَ وَعَلا-
أنْ يُوفِّقكم للعلم والعمل، وأنْ يجعَلَكم حَمَلةً لكتاِبِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى-، لتنالوا هذه الخيريَّة التي أخبر عنها النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: «خَيرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ».
وانتبهوا: لم يقتصِر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-على تعَلُّم القرآن فقط؛ بل قال: وعَلَّمَهُ ، فإذا تعلَّمتم كتاب الله فعلِّموه للناس وبَلِّغُوهُ للناس، فليس الإنسان يقتصر على نفسه؛ فيتعلم العلم ويحفظ كتاب الله، بل لابُدَّ أنْ يتعدّى نفعُهُ إلى غيرِهِ مِنَ المسلمين.
فهو أمانةٌ حمَّلَكُم اللهُ إياها؛ فأدُّوا الأمانة التي حمَّلَكم الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، وليست الأمانة كما يفهم كثير مِنَ الناس أنها الودائع فقط، إذا أودَعَ أحدٌ عندك وديعة فيجب عليكَ أنْ تؤديها إليه، نعم هذا مِنَ الأمانة، لكن أعظم مِنْ ذلك: أمانة العِلم، أعظم من ذلك أمانة التعليم والدعوة إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى-، قال الله-جل وعلا-: (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً)، لكن: (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ): (رَبَّانِيِّينَ) أي أنْ يكون عملكم خالصًا لوجه لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى-.
فالإنسانُ لا يستطيع أنْ يعمل على المطلوب إلّا إذا كان عملُهُ موافِقًا لكتاب الله وسُنَّة رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هذا هو العلم، العمل لا يكون إلا بعد العلم، ويكون العمل مؤَسَّسًا على العلم.
قال البُخاري -رحمه الله- في صحيحه: بابٌ العِلمُ قبل القولِ والعملِ ؛ ثم كتب هذه الآية: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، وقبلها: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).
وقبلها؛ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) أي تعَلَّم، تَعَلَّم هذه الكلمة ومعناها ومطلوبها، ثم بيِّنها للناس، ثم أعمل أيضًا لنفسك، فالعمل إذا كان بدون علمٍ فإنَّه ضلال.
ولهذا النصارى ضالّون؛ لأنهم يعملون بدون علم، رهبانيةً بغير علمٍ، واليهود ملعونون ومغضوبٌ عليهم، لأنهم يعلمون ولا يعملون، عندهم عِلمٌ وليس عندهم عمل، النصارى عندهم عملٌ وليس عندهم عِلم.
أمَّا عِبادُ اللهِ وهو العلماء الناصحون والربانيّون فهم الّذين جَمَعوا بين العلم والعمل، فلا ينفع عِلمٌ بدون عمل، ولا ينفع عملٌ بدون علم، بل لابُدَّ مِنَ العلم والعمل.
وهذه طريقة الّذين أنعمَ اللهُ عليهم؛ مِنَ النبيين والصدِّيقين والشُهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقًا، لذلك نقرأ الفاتحة في كل ركعةٍ مِنْ صلاتنا، وفي آخرها: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، والذين أنعمَ اللهُ عليهم هم: (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً).
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ): وهم الّذين أخذوا العِلم وتركوا العمل، ومنهم اليهود -لَعَنَهم الله-، (وَلا الضَّالِّينَ): وهم الّذين أخذوا العمل وتركوا العلم، وهم النصارى والمُبتدعة، في كل زمانٍ المُبتدعة هم مِنَ الضالِّين، وهم على نَمَط النصارى، لأنهم يعملون بدون علم.
وكذلك الذين أخذوا العلم وتعلَّموا ولم يعملوا، كلاهما ذَمَّهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- وعَلَّمنا أنْ نستعيذ مِنْ طريقتهم، وأنْ نأخذ صراط المُنْعَم عليهم، وهم الّذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح، والله -جلَّ وَعَلا- يقول: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، فـ (الْهُدَى): هو العمل الصالح، و(دِينِ الْحَقِّ): هو العلم النافع، أرسَلَ رَسُوله بالعلم النافع والعمل الصالح.
فمَنْ اتَّبَعَ الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بهذا الطريق، وترك الطريقين: طريق الضالِّين، وطريق المغضوب عليهم، وأخَذَ طريق المُنعَم عليهم، نسألُ الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنْ يجعلنا وإياكم منهم بمَنِّه وكَرَمِهِ، وصَلَّى االلهُ وَسَلَّمَ على نَبيِّنا مُحْمَد، وَعَلَىَ آَلِه وَأصَحْابِه أَجْمَعِين.
المقدَّم:
جزى الله معالي شيخنا على هذه الكلمات المُبارَكات، نسأل الله -جَلَّ وَعَلا- أنْ ينفعنا جميعًا بها، وأنْ تكون بإذن الله -جَلَّ وَعَلا- نبراسًا لنا
فقرة الأسئلة:
السؤال:
كيف يُمكِنُ لي أنْ أُصبِحَ عالِمًا ربانيًّا؟ وهل الذنوب تحولُ دون الوصول إلى هذا الهدف؟
الجواب:
بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمَنِ الَّرَحِيم وَالحَمدُ للهِ وَصَلَّى اللَهُ وَسَلَمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمد
تكونُ عالِمًا ربانيًّا بإذن الله إذا تعلَّمتَ العلم النافع وعَمَلتَ العمل الصالح، فإذا جَمعتَ بين العلم النافع والعمل الصالح فإنَّكَ تكونُ ربانيًّا: (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)، يعني أخلِصوا النيّة وتعلَّموا العلم، اجمعوا بين الأمرين؛ حتى تكونوا ربانيين تُعلِّمونَ الناس، وتُدَرِّسون الناس هذا المجال العظيم: العلم والعمل.
السؤال:
ما دور الشباب فيما يحّلُ بأمة الإسلام وبالمسلمين اليوم؟
الجواب: عليهم أن يتعلموا أولًا العلم النافع من أجل أن يردوا الشبُهات والأباطيل والأكاذيب التي يُروجها دُعاة الضلال، تكونون من جُند الله المُدافعين عن دينه ولكن لابد أن تتسلحوا بالعلم النافع وأن تقوموا بالعمل الصالح حتى تكونوا من المُدافعين لهؤلاء الضُلّال والأعداء.
الضلال والعداوة لابد أن تُقابل بأمرين: بالعلم النافع والعمل الصالح والدعوة إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- والرد على شُبهات المُبطلين والله -جَلَّ وَعَلَا- يقول: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ)، والحق إنما هو العلم النافع الذي يُبطل الشبهات ويرد على المُشبّهين والمُبطلين، أما إذا لم يكن هناك من يرد شبهاتهم، ويدفع أباطيلهم؛ فإنهم يحتلون بلاد المسلمين، وأدمغة شباب المُسلمين هذا مقصودهم، ولا يمكن دفعهم إلا بما أنزل الله من كتابه وسُنَّه نبيه مُحمدٍ -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ-.
كان الباطل مُخيمًا على أهل الأرض قبل بعثة النَّبِي -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- فلما بعث الله نبيه -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- قام بالدعوة إلى الله مُفردًا، ثم اجتمع عليه أصحابه من المهاجرين والأنصار وتكونت جنود الإسلام وجيوش الإسلام فغزت فارس والروم وخلّص الله البلاد والعباد منهم، وأصبح الدين لله (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) يعني شرك، (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)، هكذا حصل على أيدي المهاجرين والأنصار، ومن جاء بعدهم دعوا إلى الله أولًا ثم جاهدوا في سبيل الله ثانيًا حتى انتشر هذا الإسلام في المشارق والمغارب.
وأنتم على هذه الطريق وعلى هذه الجادة أنتم أبناء المُهاجرين وأبناء الأنصار وأبناء المسلمين؛ جاء دوركم الآن تهيئوا للعلم النافع أولًا، تسلحوا بالفقه، ثم قوموا بالجهاد في سبيل الله الجهاد بالسيف والجهاد باللسان (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فالكفار يُجاهدون بالسلاح والمنافقون يُجاهدون بالعلم والرد على شُبهاتهم وأباطيلهم، كل هذا من الجهاد في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
جاهد الكفار والمنافقين ما نُجاهد الكفار والمنافقين الآن! الأولون ذهبوا أدوا الواجب وذهبوا من المسلمين بقي دوركم أنتم –وفَقَنا الله وإيَاكم- ولكن تسلحوا بالعلم أولًا تعلموا العلم النافع، ثم قوموا بالدعوة إلى الله، ثم جاهدوا في سبيل الله ليكون الدين كله لله -عزَّ وَجَلَّ-. أما إذا تُرك الجهاد جهاد اللسان والجهاد بالسيف فإن الكفار يتوغلون في بلاد المسلمين ويتغلبون على المسلمين وهذا لن يكون بإذن الله، الله تكفل بحفظ هذا الدين (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فإذا لم تقوموا أنتم بهذا فإن الله يستبدل غيركم (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) الله لا يُضيّع دينه، ولكن يجب علينا أن نكون نحن ممن يُدافع عن هذا الدين، ويجاهد بالسلاح وباللسان نجاهد الكفار والمنافقين. من للإسلام؟ إلا أبنائه وحملته وأنتم منهم -إن شاءَ الله- فتهيأوا لهذا الأمر العظيم الذي حملّكم الله إياه. وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى.
السؤال:
ما قولكم -بَارَكَ الله فِيكُم- فيما يُسمى اليوم بجماعة داعش؟ وكيف أُميز بين الجهاد الشرعي من غيره؟
الجواب: جماعة داعش وغيرهم كل من ضل عن الصراط المستقيم فإنهم من حزب الشيطان؛ إما من الخوارج، وإما من غيرهم من دعاة الضلال، ولا يُقاومون إلا بالعلم النافع.
هؤلاء من الذين قال الله فيهم (جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) هؤلاء يكونون في صف المنافقين، لأنهم يدّعون الإسلام ويعملون ببعض الشعائر الدينية، ولكنهم دُعاة ضلال ولا يقاومون إلا بالعلم النافع والرد على شُبهاتهم وأباطيلهم ودرئها عن المسلمين. ولن تقوم لهم قائمة بإذن الله إذا قام المسلمون بجهادهم وبيان شُبهاتهم وأغاليطهم وردوا عليها، وهذا لا يكون بالهوية وبالحميّة؛ وإنما يكون بالكتاب والسنة والعلم النافع الذي يدمغ الله به الباطل. السلاح بين أيديكم الآن وهو كتاب الله وسنة رَسُوله –صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- ولا أحد يُقاوم كتاب الله أو يُقاوم سنة رسول الله لكن الدين والكتاب والسُنَّة لا تنتصر بنفسها، وإنما تنتصر بإذن الله ثم برجالها وأبنائها الذين يحملون العلم والعمل، ويجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم.
فليست هذه الحياة مجرد أكل وشُرب وتنعّم بالفواكه، ليست الحياة هكذا! الحياة هذه فانية الحياة الباقية هي الدار الأخرة، (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ) يعني الحياة الكاملة (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) إنما هذه الدنيا يُعمل بها من أجل نيل الدار الأخرة، والحياة الباقية، فهي مجال عمل، الدنيا دار عمل ولا جزاء، والأخرة دار جزاء وليست دار عمل.
فأنتم الآن في دار العمل فقوموا بما أوجب الله عليكم، وأنتم في هذه المدرسة وفي غيرها من مدارس الإسلام أنتم تُهيئون أنفسكم لتكونوا مُدافعين عن كتاب الله --عزَّ وَجَلَّ- وتردون على الشُبه من داعش ومن غيرها ممن يدّعون الإسلام وهم يطعنون في الإسلام من الداخل.
السؤال:
كيف أُميز بين الجهاد الشرعي من غيره؟
الجواب: الجهاد الشرعي هو الذي يكون على وفق سُنَّة رَسُول الله –صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- الجهاد الشرعي هو الذي يكون تحت ولاية أمير المؤمنين أو أمير المسلمين في كل زمان، يكون بقيادته وبتدبيره وترتيبه والأمر به والإشراف عليه، لا يكون الجهاد إلا تحت رايةٍ إسلاميةٍ وبقيادة والٍ مُسلم، يجب الجهاد مع أُمراء المسلمين في كل زمان وفي كل مكان إلى أن تقوم الساعة مع أُمراء المسلمين، وليس مع الجماعات والحزبيات، إنما يكون الجهاد تحت راية ولي المسلمين، ينظمه ويأمر به ويقوده بنفسه أو يُؤمر عليه من يقوده يكونون تحت راية الإسلام بقيادة ولي أمر المسلمين مع جماعة المسلمين. هذا هو الطريق الصحيح؛ ليس الطريق أن تكون هناك جماعات وكل جماعة لها أمير، وكل جماعة تأمر بالجهاد هذا مما نهى الله عنه -عزَّ وَجَلَّ- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) جميعًا، ولا تكونوا جميعًا إلا تحت راية ولي أمر المسلمين، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) إلى جماعات، كل جماعة تتدعي أنها هي أهل الإسلام، وأن أميرها هو الأمير الذي تجب طاعته، هذه والعياذ بالله مخازي حصلت في بلاد المسلمين طهر الله بلاد المسلمين منها، وجمع كلمة المسلمين على الحق وعلى جماعة المسلمين وقيادة ولي أمر المسلمين. هذا هو الحق وهو الجهاد؛ لا ما يدّعونه من أن جماعتهم هي المسلمون وأن قائدهم هو الذي تجب طاعته هذا من الضلال ومن التفرق والاختلاف، ومن التناحر والتباغض وهذا لا يكون بين المسلمين: كونوا عباد الله أخوانا «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ»، وهذا لا يكون إلا باجتماع المسلمين تحت ولاية شرعية، وهو من ولاه الله أمور المسلمين في كل زمان وفي كل مكان بحسبه، أما التفرق وكل جماعة لها أمير، كل جماعة تتدّعي أنها هي أمة الإسلام فهذا هو الخذلان، وهذا هو التفرق الذي نهى الله عنه لقوله: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
لا يكون هذا إلا بإمام المسلمين وجماعة المسلمين لا بالجماعات، جماعة المسلمين واحدة؛ أما هذه الجماعات التي كل يدّعي أنها هي المسلمون فهذا من الضلال الذي نهانا الله عنه (وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) هذه وصايا ربنا -سُبحَانَه وتَعَالَى- في كتابه الكريم فعلينا أن نفهم هذا وأن لا ننخدع بما يُروجونه من أنهم هم المُسلمون وأن جماعتهم هي جماعة المسلمين كل جماعة تُكّفر الأخرى ليس هذا هو الإسلام، الإسلام أن نكون جميعًا أمة الإسلام جميعًا، تحت راية ولي أمر المسلمين لا نتفرق ولا نتحزب هذا هو الذي أمرنا الله ورَسُوله به.
السؤال:
كيف نميِّز بين الجهاد الشَّرعي من غيره؟
الجواب: الجهاد الشرعي هو الذي يكون على وفق سُنَّة رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجهاد الشَّرعي هو الذي يكون تحت ولاية أمير المؤمنين، أو أمير المسلمين في كل زمان، يكون بقيادته، وبتدبيره، وترتيبه، والأمر به، والإشراف عليه، لا يكون الجهاد إلا تحت رايةٍ إسلاميةٍ وبقيادة والٍ مسلم، يجب الجهاد مع أمراء المسلمين، في كل زمان، وفي كل مكان، إلى أن تقوم الساعة، مع أمراء المسلمين، وليس مع الجماعات، والحزبيات، إنما يكون الجهاد تحت راية ولي أمر المسلمين، يُنظِّمه، ويأمرُ به، ويقودهُ بنفسه، أو يُؤمّر عليه من يقوده، يكونون تحت راية الإسلام، بقيادة ولي أمر المسلمين، ومع جماعة المسلمين، هذا هو الطريق الصحيح، ليس الطريق أن تكون هناك جماعات، وكل جماعة لها أمير، وكل جماعة تأمرُ بالجهاد، هذا مما نهى الله عنه -عَزّ وَجَلَّ- :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، جميعًا، و لا تكونون جميعًا إلا تجت راية ولي أمر المسلمين:(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، إلى جماعات، كل جماعة تدَّعي أنها هي أهل الإسلام، وأن أميرها هو الأمير الذي تجب طاعته، هذه -والعياذ بالله- مخازي ظهرت في بلاد المسلمين، طهَّر الله بلاد المسلمين منها، وجمع كلمة المسلمين على الحق، وعلى جماعة المسلمين، وقيادة ولي أمر المسلمين، هذا هو الحق وهو الجهاد، لا ما يدّعونه من أن جماعتهم هي المسلمون، وأن قائدهم هو الذي تجب طاعته، هذا من الضَّلال، ومن التفرُّق والاختلاف، ومن التَّناحر والتَّباغض، وهذا لا يكون بين المسلمين، كونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يحقره ولا يخذله ولا يُسلمه، وهذا لا يكون إلا باجتماع المسلمين تحت ولايةٍ شرعيّة، وهو من ولَّاه الله أمور المسلمين في كلِّ زمان وفي كلِّ مكان بحسبه، وأما التفرُّق وكل جماعةٍ لها أمير، كل جماعة تدّعي أنها هي أمة الإسلام، فهذا هو الخُذلان، وهذا هو التَّفرُّق الذي نهى الله عنه بقوله: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، لا يكون هذا إلا بإمام المسلمين، وجماعة المسلمين، لا بالجماعات، جماعة المسلمين واحدة، أما هذه الجماعات التي كلٌ يدَّعي أنها هي المسلمون، فهذا من الضلال التي نهانا الله عنه: (وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)، هذه وصايا ربِّنا -سُبْحانَهُ وَتَعَالى- في كتابه الكريم، فعلينا أن نفهم هذا، وأن لا ننخدع بما يُروِّجونه بأنهم هم المسلمون، وأن جماعتهم هي جماعة المسلمين، كل جماعة تكفِّر الأخرى، ليس هذا هو الإسلام، الإسلام أن نكون جميعًا، أمة الإسلام جميعًا تحت راية ولي أمر المسلمين، لا نتفرَّق ولا نتحزَّب، هذا هو الذي أمرنا الله ورسوله به.
السؤال:
شيخنا الكريم في هذا الصرح المبارك نتوقع بإذن الله، نرغب منكم كلمة توجهونها لأبنائكم الذين ختموا حفظ كتاب الله -عزّ وَجَلْ- ويأملون منكم الدعاء لهم؟
الجواب: الحمد لله هذه نعمة كبيرة، أن يتخرَّج فوجٌ كل سنة من حملة كتاب الله، ولكن هذا لا يكفي، لابد من مواصلة التّعلُّم، ولابد العلم ما ينتهي عند حد، فواصلوا التعلُّم عند العلماء، وفي دور العلم، واصلوا التَّعلُّم، وخذوا العلم، والله -جَلَّ وَعَلاَ- قال لنبيِّه محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)، فلا يقف المسلم عند حد، يقول: انتهى العلم، العلم بحرٌ زاخر،
إنما العلمُ كبحرٍ زاخر*** فخذ من كل قول أحسنه.
(فَبَشِّرْ عِبَادِي* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)، ولا أحسن من كتاب الله، «إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُهَا»، فعليكم بهذا الطريق الصَّحيح، ولا تلتفتوا إلى الطُّرق الأخرى وما أكثرها في هذا الزمان، لا تلتفتوا إليها، بل خذوا طريقكم الصحيح، وامضوا في سبيل الله -عزَّ وَجَلَّ- ولا تلتفتوا إلى الخدَّاعين، وإلى المُضلِّلين، واحذروا منهم غاية الحذر، أنتم على طريقٍ صحيح والحمد لله، فاثبتوا عليه، وتزودوا من العلم النافع من كتاب الله، وسُنَّة النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وخذوا عن العلماء، خذوا عن علماء الأُمة المُعتبرين، لا تأخذوا من كل متعالم، ومن كل جاهل، ومن كل منحرف، خذوا العلم عن العلماء، إما في دور العلم من المعاهد والكليَّات، وإما عن حلق الذكر في المساجد التي يقومُ بها العلماء المُعتبرون المشهود لهم بالعلم، والمشهود لهم بالاستقامة، لا تأخذوا العِلم من كل من هبَّ ودب وأدَّعى أنه عالم.
السؤال:
ويرجون منكم الدعاء لهم، وفقكم الله.
الجواب: والله -جلَّ وَعَلاَ- يوفِّقنا وإياكم لنيل العلم النافع والعمل الصالح، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة، والجدال بالتي هي أحسن، لكن بعد أن تتعلموا العلم تدعون إلى الله -عَزّ وَجَلْ-؛ لأن الدعوة لا تكون إلا عن علم، قال -جَلَّ وَعَلاَ- لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)، أي على علم، لا على حماس، ولا على تقليد غير صحيح، وإنما على علم،على علمٍ نافع، والعلم لا يحصُل بالتمني، لا يحصل إلا بالتَّعلُّم، والصبر عليه، تعلُّمًا وتعليمًا، لابد من العلم والعمل. يقول الجُرجاني -رَحِمهُ اللهُ-: في قصيدته:
أأشْقَى بهِ غَرْسًا وأَجْنيهِ ذِلَّةً *** إذنْ فأتِّباعُ الجَهلِ كَانَ أحزَما
يعني ما هكذا إنك تتعلَّم العلم، تتعب وتشقى في غرسه، ثم تجني الذِّلة بعد ذلك، إنما تجني العمل النافع، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله -عزَّ وَجَلْ-.
أأشْقَى بهِ غَرْسًا وأَجْنيهِ ذِلَّةً *** إذنْ فأتِّباعُ الجَهلِ كَانَ أحزَما
لابد من العلم النافع والعمل الصالح، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.
السؤال:
معالي الشيخ: ما الطريق الأمثل للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعية كالواتساب وتويتر ونحوها؟
الجواب: والله هذا خطر عظيم، وهذا من الفتن العظيمة، هذه الشبكات والتواصل، لكن استعملوها في الخير، والدعوة إلى الله -عزَّ وَجَلْ- وفي الأمور المُباحة، أما أن تستعمل في ترويج الأفكار المنحرفة، والدعوات الضالة، والشُّبهات، احذروا من هذا، احذروا مما يُروَّج فيها من الأباطيل، ومن الدَّعوة إلى الباطل، ومن الكذب على أهل الإسلام، وعلى علماء الإسلام، احذروا هذا.
السؤال:
ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم ولو كان اللاعبون مسلمين؟
الجواب: يا أخوان أنتم طلبة علم، استعملوا وقتكم فيما ينفع، في طلب العلم والبحث، ولا تلتفتوا إلى المباريات الرياضية، هذه ضياع وقت، ولا فائدة لكم منها، ما لكم فائدة منها تُضيِّع الوقت عليكم، وأنتم طلبة علم، كلُّ ساعةٍ تُعتبر وقتًا ثمينًا، لا تُضيِّعوه، لأنه يكون ثُلمة في معلوماتكم فيما بعد، فأنتم في أعز سبيل، وفي أعز اتجاه، عليكم بشغل أوقاتكم في طلب العلم النافع، وبالعمل الصالح، هذا المطلوب من المسلم، ومن شباب المسلمين على وجه الخصوص.
السؤال:
هل الغش في الاختبارات يُعدُّ من كبائر الذنوب، وكيف يتخلُّص منه من ابتُلي به؟
الجواب: لا شكَّ أن الغش في الاختبارات هو أعظم أنواع الغش، أعظم من الغش في السِّلع والبيع والشِّراء، لأن هذا من الغش في العلم، يظهر أنه ناجح وهو غير ناجح، يتولَّى الأعمال والقيادات، وشهادته تزوير، هذا لا يجوز، قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، ليس هذا خاص بالغش في السِّلع، بل الغش في العلم والتّعلُّم أعظم من ذلك، لأنه سيتولى أمور المسلمين، فكيف يتولاها وهو غشَّاش، وينشأ على الغش والتزوير، يكون طالب العلم أمينًا ناصحًا، لا يكون غاشًا، «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي رواية: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
السؤال:
معالي الشيخ ما نصيحتكم لنا معشر الشباب في التعامل مع ولاة الأمور؟
الجواب: التعامل مع ولاة الأمور بالطاعة، طاعة ولاة الأمور في غير معصية الله -سُبْحَانَهُ وتَعَالَى- «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ»، يقول الرَسُول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ»، لابد من السمع والطاعة؛ لأجل تجتمع كلمة المسلمين، ولأجل أن يكون للمسلمين هيبة أمام الكفار، وأما إذا تنازعنا فإننا نفشل، (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي قوتكم، (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، فعليكم بالثبات، والصبر، وتعلُّم العلم النافع، والدعوة إلى الله -عزَّ وَجَلْ-، وفي حال ظهور الفتن، وشدة الفتن، يكون الواجب علينا أعظم، أن نثبت، وأن نصبر، وأن نجاهد في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنُصرة هذا الدين، بالعلم، والعمل والجهاد في سبيل الله.
السؤال:
ما قولكم فيمن يتهُّم أهل العلم بالتقصير في النصحِ لولاة الأمر؟
الجواب: وما يدريه أن العلماء مقصِّرون في نصح ولاة الأمر، هل لابد أن العالم إذا نصح ولي الأمر يُظهر للناس؟ يقول أنا نصحت، وأنا قلت، وأنا وأنا، ما يجوز هذا!، النصيحة سريَّة بين ولي الأمر، وبين الناصح، تأخذ بيده وتنبِّههُ على ما ترى من الخطأ سرًا بينك وبينه، فإن أخذ بقولك فالحمد لله، وإن لم يأخذ فقد أبرأتَ ذمَّتك، أما إنك تقول: ولي الأمر مقصِّر، وولي الأمر فعل كذا وكذا، وأنا نصحته، وأنا قلت، هذا لا يجوز، هذا من الدِّعاية إلى الاختلاف والتفرُّق، ومن الاستهانة بولي أمر المسلمين، ولا يجوز أن يُهان ولي أمر المسلمين مهما حصل منه، لا يجوز أن يُهان أمام الناس، ولا أن يُسبَّ أمام الناس.
المُقدِّم: شكر الله لك شيخنا على هذه وشكر لكم سعيكم، فإنني باسمي أصالةً ونيابةً عن قائد هذه الثانوية وزملائي المعلِّمين، وجميع الحضور، الشكر لحضوركم ومجيئكم لهذا المكان، وإمتاعنا بهذه الكلمات الماتعة، وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يجزيك عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يطيل في عمركم على طاعته، وأن يبارك في علمكم وعملكم ، وأن يجزينا جميعًا وإياكم جنات النعيم ووالدينا مع محمدٍ-صلى الله عليه وسلم، وصحبه في مقعد صدق عند مليك مقتدر، والله أعلم وأجل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا والحمد لله.
===========
أحمد اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- وأشكره،على تيسير هذا اللقاء المبارك، في هذا الصباح المبارك؛ في هذا المكان الطيب وهذا الإجتماع الكريم، ثم أشكر القائمين على هذا العمل الجليل، مديرًا ومدرسين وأسرة تدريس، كلهم والحمد لله يخدمون كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- تعليمًا وتدبرًا وعملًا؛ وهذا أشرف ما يكون في هذه الحياة، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ)، كتابٌ كريم، كتابٌ محفوظٌ بحفظ الله، لا يتطرق إليه الباطل، لا يأتيه الباطل، فإنه لكتابٌ كريم، (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
هذا الكتاب هو أشرف كتابٍ عرفه أهل الأرض، فهو كتابٌ مهيمنٌ على جميع الكتب السابقة من كتب الله -سُبْحَانَهُ-، وهو أعظمها وأشرفها وأجمعها لخيري الدنيا والآخرة، وأنتم تخدمون هذا الكتاب، تعلمًا وتعليمًا، وتدبرًا وعلمًا وعملا. فابشروا بالخير وتعاونوا على البر والتقوى، ونشَّأوا أبناء المسلمين على هذا الكتاب العظيم المبارك، مباركٌ من كل وجه؛ مباركٌ من جهة تعلمه وتعليمه، ومن جهة تدبره وتفهمه، ومن جهة العمل به، قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
وهذا القرآن لا يُحصل الانتفاع به إلَّا بالتعلم، والتدبر والتلاوة، والعمل، فهو كتابٌ مبارك من كل الجهات على من علمْه وعلى من تعلمه، وعلى من عَمِل به، والغاية والمقصود هو العمل بكتاب الله، لا بمجرد حفظه وتجويده، إنما هذه وسائل إلى العمل بكتابِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
فأنتم -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- في خير مكانٍ، حيث إنكم تعلمون كتاب الله، وتعلمونه ثم تخرجون إلى المجتمع أئمة في المساجد، وخطباء في المنابر، وقضاة في المحاكم، ودعاة إلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وإلى كتابه وسُنَّة رَسُولهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فأنتم من جند الله -عَزَّ وَجَلَّ- الذين يجاهدون في سبيل الله، فليس الجهاد مقصورًا على الجهاد بالسلاح! ولكن الجهاد يشمل: الجهاد بالدعوة إلى الله، ويشمل تعلم القرآن وتعليمه، ويشمل كل وجوه الخير، كله جهادٌ في سبيل الله، جهادٌ بالدعوة، وجهادٌ بالسلاح، وجهادٌ في ردَّ الشُبه والمفتريات التي تُحاك ضد الإسلام؛ كل هذا من الجهاد في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
وأنتم -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ- اخترتُم أشرف مواطن الجهاد؛ وهو تعَلُّم كتاب لله وتعليمه، والعمل به، فنسألُ اللهَ -جَلَ وَعَلا-
أنْ يُوفِّقكم للعلم والعمل، وأنْ يجعَلَكم حَمَلةً لكتاِبِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى-، لتنالوا هذه الخيريَّة التي أخبر عنها النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: «خَيرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ».
وانتبهوا: لم يقتصِر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-على تعَلُّم القرآن فقط؛ بل قال: وعَلَّمَهُ ، فإذا تعلَّمتم كتاب الله فعلِّموه للناس وبَلِّغُوهُ للناس، فليس الإنسان يقتصر على نفسه؛ فيتعلم العلم ويحفظ كتاب الله، بل لابُدَّ أنْ يتعدّى نفعُهُ إلى غيرِهِ مِنَ المسلمين.
فهو أمانةٌ حمَّلَكُم اللهُ إياها؛ فأدُّوا الأمانة التي حمَّلَكم الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، وليست الأمانة كما يفهم كثير مِنَ الناس أنها الودائع فقط، إذا أودَعَ أحدٌ عندك وديعة فيجب عليكَ أنْ تؤديها إليه، نعم هذا مِنَ الأمانة، لكن أعظم مِنْ ذلك: أمانة العِلم، أعظم من ذلك أمانة التعليم والدعوة إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى-، قال الله-جل وعلا-: (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً)، لكن: (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ): (رَبَّانِيِّينَ) أي أنْ يكون عملكم خالصًا لوجه لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى-.
فالإنسانُ لا يستطيع أنْ يعمل على المطلوب إلّا إذا كان عملُهُ موافِقًا لكتاب الله وسُنَّة رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هذا هو العلم، العمل لا يكون إلا بعد العلم، ويكون العمل مؤَسَّسًا على العلم.
قال البُخاري -رحمه الله- في صحيحه: بابٌ العِلمُ قبل القولِ والعملِ ؛ ثم كتب هذه الآية: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، وقبلها: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).
وقبلها؛ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) أي تعَلَّم، تَعَلَّم هذه الكلمة ومعناها ومطلوبها، ثم بيِّنها للناس، ثم أعمل أيضًا لنفسك، فالعمل إذا كان بدون علمٍ فإنَّه ضلال.
ولهذا النصارى ضالّون؛ لأنهم يعملون بدون علم، رهبانيةً بغير علمٍ، واليهود ملعونون ومغضوبٌ عليهم، لأنهم يعلمون ولا يعملون، عندهم عِلمٌ وليس عندهم عمل، النصارى عندهم عملٌ وليس عندهم عِلم.
أمَّا عِبادُ اللهِ وهو العلماء الناصحون والربانيّون فهم الّذين جَمَعوا بين العلم والعمل، فلا ينفع عِلمٌ بدون عمل، ولا ينفع عملٌ بدون علم، بل لابُدَّ مِنَ العلم والعمل.
وهذه طريقة الّذين أنعمَ اللهُ عليهم؛ مِنَ النبيين والصدِّيقين والشُهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقًا، لذلك نقرأ الفاتحة في كل ركعةٍ مِنْ صلاتنا، وفي آخرها: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، والذين أنعمَ اللهُ عليهم هم: (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً).
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ): وهم الّذين أخذوا العِلم وتركوا العمل، ومنهم اليهود -لَعَنَهم الله-، (وَلا الضَّالِّينَ): وهم الّذين أخذوا العمل وتركوا العلم، وهم النصارى والمُبتدعة، في كل زمانٍ المُبتدعة هم مِنَ الضالِّين، وهم على نَمَط النصارى، لأنهم يعملون بدون علم.
وكذلك الذين أخذوا العلم وتعلَّموا ولم يعملوا، كلاهما ذَمَّهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- وعَلَّمنا أنْ نستعيذ مِنْ طريقتهم، وأنْ نأخذ صراط المُنْعَم عليهم، وهم الّذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح، والله -جلَّ وَعَلا- يقول: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، فـ (الْهُدَى): هو العمل الصالح، و(دِينِ الْحَقِّ): هو العلم النافع، أرسَلَ رَسُوله بالعلم النافع والعمل الصالح.
فمَنْ اتَّبَعَ الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ بهذا الطريق، وترك الطريقين: طريق الضالِّين، وطريق المغضوب عليهم، وأخَذَ طريق المُنعَم عليهم، نسألُ الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنْ يجعلنا وإياكم منهم بمَنِّه وكَرَمِهِ، وصَلَّى االلهُ وَسَلَّمَ على نَبيِّنا مُحْمَد، وَعَلَىَ آَلِه وَأصَحْابِه أَجْمَعِين.
المقدَّم:
جزى الله معالي شيخنا على هذه الكلمات المُبارَكات، نسأل الله -جَلَّ وَعَلا- أنْ ينفعنا جميعًا بها، وأنْ تكون بإذن الله -جَلَّ وَعَلا- نبراسًا لنا
فقرة الأسئلة:
السؤال:
كيف يُمكِنُ لي أنْ أُصبِحَ عالِمًا ربانيًّا؟ وهل الذنوب تحولُ دون الوصول إلى هذا الهدف؟
الجواب:
بِسْمِ اللهِ الَّرَحْمَنِ الَّرَحِيم وَالحَمدُ للهِ وَصَلَّى اللَهُ وَسَلَمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمد
تكونُ عالِمًا ربانيًّا بإذن الله إذا تعلَّمتَ العلم النافع وعَمَلتَ العمل الصالح، فإذا جَمعتَ بين العلم النافع والعمل الصالح فإنَّكَ تكونُ ربانيًّا: (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)، يعني أخلِصوا النيّة وتعلَّموا العلم، اجمعوا بين الأمرين؛ حتى تكونوا ربانيين تُعلِّمونَ الناس، وتُدَرِّسون الناس هذا المجال العظيم: العلم والعمل.
السؤال:
ما دور الشباب فيما يحّلُ بأمة الإسلام وبالمسلمين اليوم؟
الجواب: عليهم أن يتعلموا أولًا العلم النافع من أجل أن يردوا الشبُهات والأباطيل والأكاذيب التي يُروجها دُعاة الضلال، تكونون من جُند الله المُدافعين عن دينه ولكن لابد أن تتسلحوا بالعلم النافع وأن تقوموا بالعمل الصالح حتى تكونوا من المُدافعين لهؤلاء الضُلّال والأعداء.
الضلال والعداوة لابد أن تُقابل بأمرين: بالعلم النافع والعمل الصالح والدعوة إلى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالى- والرد على شُبهات المُبطلين والله -جَلَّ وَعَلَا- يقول: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ)، والحق إنما هو العلم النافع الذي يُبطل الشبهات ويرد على المُشبّهين والمُبطلين، أما إذا لم يكن هناك من يرد شبهاتهم، ويدفع أباطيلهم؛ فإنهم يحتلون بلاد المسلمين، وأدمغة شباب المُسلمين هذا مقصودهم، ولا يمكن دفعهم إلا بما أنزل الله من كتابه وسُنَّه نبيه مُحمدٍ -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ-.
كان الباطل مُخيمًا على أهل الأرض قبل بعثة النَّبِي -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- فلما بعث الله نبيه -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- قام بالدعوة إلى الله مُفردًا، ثم اجتمع عليه أصحابه من المهاجرين والأنصار وتكونت جنود الإسلام وجيوش الإسلام فغزت فارس والروم وخلّص الله البلاد والعباد منهم، وأصبح الدين لله (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) يعني شرك، (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)، هكذا حصل على أيدي المهاجرين والأنصار، ومن جاء بعدهم دعوا إلى الله أولًا ثم جاهدوا في سبيل الله ثانيًا حتى انتشر هذا الإسلام في المشارق والمغارب.
وأنتم على هذه الطريق وعلى هذه الجادة أنتم أبناء المُهاجرين وأبناء الأنصار وأبناء المسلمين؛ جاء دوركم الآن تهيئوا للعلم النافع أولًا، تسلحوا بالفقه، ثم قوموا بالجهاد في سبيل الله الجهاد بالسيف والجهاد باللسان (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فالكفار يُجاهدون بالسلاح والمنافقون يُجاهدون بالعلم والرد على شُبهاتهم وأباطيلهم، كل هذا من الجهاد في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
جاهد الكفار والمنافقين ما نُجاهد الكفار والمنافقين الآن! الأولون ذهبوا أدوا الواجب وذهبوا من المسلمين بقي دوركم أنتم –وفَقَنا الله وإيَاكم- ولكن تسلحوا بالعلم أولًا تعلموا العلم النافع، ثم قوموا بالدعوة إلى الله، ثم جاهدوا في سبيل الله ليكون الدين كله لله -عزَّ وَجَلَّ-. أما إذا تُرك الجهاد جهاد اللسان والجهاد بالسيف فإن الكفار يتوغلون في بلاد المسلمين ويتغلبون على المسلمين وهذا لن يكون بإذن الله، الله تكفل بحفظ هذا الدين (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فإذا لم تقوموا أنتم بهذا فإن الله يستبدل غيركم (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) الله لا يُضيّع دينه، ولكن يجب علينا أن نكون نحن ممن يُدافع عن هذا الدين، ويجاهد بالسلاح وباللسان نجاهد الكفار والمنافقين. من للإسلام؟ إلا أبنائه وحملته وأنتم منهم -إن شاءَ الله- فتهيأوا لهذا الأمر العظيم الذي حملّكم الله إياه. وفق الله الجميع لما يُحب ويرضى.
السؤال:
ما قولكم -بَارَكَ الله فِيكُم- فيما يُسمى اليوم بجماعة داعش؟ وكيف أُميز بين الجهاد الشرعي من غيره؟
الجواب: جماعة داعش وغيرهم كل من ضل عن الصراط المستقيم فإنهم من حزب الشيطان؛ إما من الخوارج، وإما من غيرهم من دعاة الضلال، ولا يُقاومون إلا بالعلم النافع.
هؤلاء من الذين قال الله فيهم (جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) هؤلاء يكونون في صف المنافقين، لأنهم يدّعون الإسلام ويعملون ببعض الشعائر الدينية، ولكنهم دُعاة ضلال ولا يقاومون إلا بالعلم النافع والرد على شُبهاتهم وأباطيلهم ودرئها عن المسلمين. ولن تقوم لهم قائمة بإذن الله إذا قام المسلمون بجهادهم وبيان شُبهاتهم وأغاليطهم وردوا عليها، وهذا لا يكون بالهوية وبالحميّة؛ وإنما يكون بالكتاب والسنة والعلم النافع الذي يدمغ الله به الباطل. السلاح بين أيديكم الآن وهو كتاب الله وسنة رَسُوله –صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- ولا أحد يُقاوم كتاب الله أو يُقاوم سنة رسول الله لكن الدين والكتاب والسُنَّة لا تنتصر بنفسها، وإنما تنتصر بإذن الله ثم برجالها وأبنائها الذين يحملون العلم والعمل، ويجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم.
فليست هذه الحياة مجرد أكل وشُرب وتنعّم بالفواكه، ليست الحياة هكذا! الحياة هذه فانية الحياة الباقية هي الدار الأخرة، (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ) يعني الحياة الكاملة (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) إنما هذه الدنيا يُعمل بها من أجل نيل الدار الأخرة، والحياة الباقية، فهي مجال عمل، الدنيا دار عمل ولا جزاء، والأخرة دار جزاء وليست دار عمل.
فأنتم الآن في دار العمل فقوموا بما أوجب الله عليكم، وأنتم في هذه المدرسة وفي غيرها من مدارس الإسلام أنتم تُهيئون أنفسكم لتكونوا مُدافعين عن كتاب الله --عزَّ وَجَلَّ- وتردون على الشُبه من داعش ومن غيرها ممن يدّعون الإسلام وهم يطعنون في الإسلام من الداخل.
السؤال:
كيف أُميز بين الجهاد الشرعي من غيره؟
الجواب: الجهاد الشرعي هو الذي يكون على وفق سُنَّة رَسُول الله –صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ- الجهاد الشرعي هو الذي يكون تحت ولاية أمير المؤمنين أو أمير المسلمين في كل زمان، يكون بقيادته وبتدبيره وترتيبه والأمر به والإشراف عليه، لا يكون الجهاد إلا تحت رايةٍ إسلاميةٍ وبقيادة والٍ مُسلم، يجب الجهاد مع أُمراء المسلمين في كل زمان وفي كل مكان إلى أن تقوم الساعة مع أُمراء المسلمين، وليس مع الجماعات والحزبيات، إنما يكون الجهاد تحت راية ولي المسلمين، ينظمه ويأمر به ويقوده بنفسه أو يُؤمر عليه من يقوده يكونون تحت راية الإسلام بقيادة ولي أمر المسلمين مع جماعة المسلمين. هذا هو الطريق الصحيح؛ ليس الطريق أن تكون هناك جماعات وكل جماعة لها أمير، وكل جماعة تأمر بالجهاد هذا مما نهى الله عنه -عزَّ وَجَلَّ- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) جميعًا، ولا تكونوا جميعًا إلا تحت راية ولي أمر المسلمين، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) إلى جماعات، كل جماعة تتدعي أنها هي أهل الإسلام، وأن أميرها هو الأمير الذي تجب طاعته، هذه والعياذ بالله مخازي حصلت في بلاد المسلمين طهر الله بلاد المسلمين منها، وجمع كلمة المسلمين على الحق وعلى جماعة المسلمين وقيادة ولي أمر المسلمين. هذا هو الحق وهو الجهاد؛ لا ما يدّعونه من أن جماعتهم هي المسلمون وأن قائدهم هو الذي تجب طاعته هذا من الضلال ومن التفرق والاختلاف، ومن التناحر والتباغض وهذا لا يكون بين المسلمين: كونوا عباد الله أخوانا «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ»، وهذا لا يكون إلا باجتماع المسلمين تحت ولاية شرعية، وهو من ولاه الله أمور المسلمين في كل زمان وفي كل مكان بحسبه، أما التفرق وكل جماعة لها أمير، كل جماعة تتدّعي أنها هي أمة الإسلام فهذا هو الخذلان، وهذا هو التفرق الذي نهى الله عنه لقوله: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
لا يكون هذا إلا بإمام المسلمين وجماعة المسلمين لا بالجماعات، جماعة المسلمين واحدة؛ أما هذه الجماعات التي كل يدّعي أنها هي المسلمون فهذا من الضلال الذي نهانا الله عنه (وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) هذه وصايا ربنا -سُبحَانَه وتَعَالَى- في كتابه الكريم فعلينا أن نفهم هذا وأن لا ننخدع بما يُروجونه من أنهم هم المُسلمون وأن جماعتهم هي جماعة المسلمين كل جماعة تُكّفر الأخرى ليس هذا هو الإسلام، الإسلام أن نكون جميعًا أمة الإسلام جميعًا، تحت راية ولي أمر المسلمين لا نتفرق ولا نتحزب هذا هو الذي أمرنا الله ورَسُوله به.
السؤال:
كيف نميِّز بين الجهاد الشَّرعي من غيره؟
الجواب: الجهاد الشرعي هو الذي يكون على وفق سُنَّة رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجهاد الشَّرعي هو الذي يكون تحت ولاية أمير المؤمنين، أو أمير المسلمين في كل زمان، يكون بقيادته، وبتدبيره، وترتيبه، والأمر به، والإشراف عليه، لا يكون الجهاد إلا تحت رايةٍ إسلاميةٍ وبقيادة والٍ مسلم، يجب الجهاد مع أمراء المسلمين، في كل زمان، وفي كل مكان، إلى أن تقوم الساعة، مع أمراء المسلمين، وليس مع الجماعات، والحزبيات، إنما يكون الجهاد تحت راية ولي أمر المسلمين، يُنظِّمه، ويأمرُ به، ويقودهُ بنفسه، أو يُؤمّر عليه من يقوده، يكونون تحت راية الإسلام، بقيادة ولي أمر المسلمين، ومع جماعة المسلمين، هذا هو الطريق الصحيح، ليس الطريق أن تكون هناك جماعات، وكل جماعة لها أمير، وكل جماعة تأمرُ بالجهاد، هذا مما نهى الله عنه -عَزّ وَجَلَّ- :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، جميعًا، و لا تكونون جميعًا إلا تجت راية ولي أمر المسلمين:(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، إلى جماعات، كل جماعة تدَّعي أنها هي أهل الإسلام، وأن أميرها هو الأمير الذي تجب طاعته، هذه -والعياذ بالله- مخازي ظهرت في بلاد المسلمين، طهَّر الله بلاد المسلمين منها، وجمع كلمة المسلمين على الحق، وعلى جماعة المسلمين، وقيادة ولي أمر المسلمين، هذا هو الحق وهو الجهاد، لا ما يدّعونه من أن جماعتهم هي المسلمون، وأن قائدهم هو الذي تجب طاعته، هذا من الضَّلال، ومن التفرُّق والاختلاف، ومن التَّناحر والتَّباغض، وهذا لا يكون بين المسلمين، كونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يحقره ولا يخذله ولا يُسلمه، وهذا لا يكون إلا باجتماع المسلمين تحت ولايةٍ شرعيّة، وهو من ولَّاه الله أمور المسلمين في كلِّ زمان وفي كلِّ مكان بحسبه، وأما التفرُّق وكل جماعةٍ لها أمير، كل جماعة تدّعي أنها هي أمة الإسلام، فهذا هو الخُذلان، وهذا هو التَّفرُّق الذي نهى الله عنه بقوله: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، لا يكون هذا إلا بإمام المسلمين، وجماعة المسلمين، لا بالجماعات، جماعة المسلمين واحدة، أما هذه الجماعات التي كلٌ يدَّعي أنها هي المسلمون، فهذا من الضلال التي نهانا الله عنه: (وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)، هذه وصايا ربِّنا -سُبْحانَهُ وَتَعَالى- في كتابه الكريم، فعلينا أن نفهم هذا، وأن لا ننخدع بما يُروِّجونه بأنهم هم المسلمون، وأن جماعتهم هي جماعة المسلمين، كل جماعة تكفِّر الأخرى، ليس هذا هو الإسلام، الإسلام أن نكون جميعًا، أمة الإسلام جميعًا تحت راية ولي أمر المسلمين، لا نتفرَّق ولا نتحزَّب، هذا هو الذي أمرنا الله ورسوله به.
السؤال:
شيخنا الكريم في هذا الصرح المبارك نتوقع بإذن الله، نرغب منكم كلمة توجهونها لأبنائكم الذين ختموا حفظ كتاب الله -عزّ وَجَلْ- ويأملون منكم الدعاء لهم؟
الجواب: الحمد لله هذه نعمة كبيرة، أن يتخرَّج فوجٌ كل سنة من حملة كتاب الله، ولكن هذا لا يكفي، لابد من مواصلة التّعلُّم، ولابد العلم ما ينتهي عند حد، فواصلوا التعلُّم عند العلماء، وفي دور العلم، واصلوا التَّعلُّم، وخذوا العلم، والله -جَلَّ وَعَلاَ- قال لنبيِّه محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)، فلا يقف المسلم عند حد، يقول: انتهى العلم، العلم بحرٌ زاخر،
إنما العلمُ كبحرٍ زاخر*** فخذ من كل قول أحسنه.
(فَبَشِّرْ عِبَادِي* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)، ولا أحسن من كتاب الله، «إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُهَا»، فعليكم بهذا الطريق الصَّحيح، ولا تلتفتوا إلى الطُّرق الأخرى وما أكثرها في هذا الزمان، لا تلتفتوا إليها، بل خذوا طريقكم الصحيح، وامضوا في سبيل الله -عزَّ وَجَلَّ- ولا تلتفتوا إلى الخدَّاعين، وإلى المُضلِّلين، واحذروا منهم غاية الحذر، أنتم على طريقٍ صحيح والحمد لله، فاثبتوا عليه، وتزودوا من العلم النافع من كتاب الله، وسُنَّة النَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وخذوا عن العلماء، خذوا عن علماء الأُمة المُعتبرين، لا تأخذوا من كل متعالم، ومن كل جاهل، ومن كل منحرف، خذوا العلم عن العلماء، إما في دور العلم من المعاهد والكليَّات، وإما عن حلق الذكر في المساجد التي يقومُ بها العلماء المُعتبرون المشهود لهم بالعلم، والمشهود لهم بالاستقامة، لا تأخذوا العِلم من كل من هبَّ ودب وأدَّعى أنه عالم.
السؤال:
ويرجون منكم الدعاء لهم، وفقكم الله.
الجواب: والله -جلَّ وَعَلاَ- يوفِّقنا وإياكم لنيل العلم النافع والعمل الصالح، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة، والجدال بالتي هي أحسن، لكن بعد أن تتعلموا العلم تدعون إلى الله -عَزّ وَجَلْ-؛ لأن الدعوة لا تكون إلا عن علم، قال -جَلَّ وَعَلاَ- لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)، أي على علم، لا على حماس، ولا على تقليد غير صحيح، وإنما على علم،على علمٍ نافع، والعلم لا يحصُل بالتمني، لا يحصل إلا بالتَّعلُّم، والصبر عليه، تعلُّمًا وتعليمًا، لابد من العلم والعمل. يقول الجُرجاني -رَحِمهُ اللهُ-: في قصيدته:
أأشْقَى بهِ غَرْسًا وأَجْنيهِ ذِلَّةً *** إذنْ فأتِّباعُ الجَهلِ كَانَ أحزَما
يعني ما هكذا إنك تتعلَّم العلم، تتعب وتشقى في غرسه، ثم تجني الذِّلة بعد ذلك، إنما تجني العمل النافع، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله -عزَّ وَجَلْ-.
أأشْقَى بهِ غَرْسًا وأَجْنيهِ ذِلَّةً *** إذنْ فأتِّباعُ الجَهلِ كَانَ أحزَما
لابد من العلم النافع والعمل الصالح، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.
السؤال:
معالي الشيخ: ما الطريق الأمثل للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعية كالواتساب وتويتر ونحوها؟
الجواب: والله هذا خطر عظيم، وهذا من الفتن العظيمة، هذه الشبكات والتواصل، لكن استعملوها في الخير، والدعوة إلى الله -عزَّ وَجَلْ- وفي الأمور المُباحة، أما أن تستعمل في ترويج الأفكار المنحرفة، والدعوات الضالة، والشُّبهات، احذروا من هذا، احذروا مما يُروَّج فيها من الأباطيل، ومن الدَّعوة إلى الباطل، ومن الكذب على أهل الإسلام، وعلى علماء الإسلام، احذروا هذا.
السؤال:
ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم ولو كان اللاعبون مسلمين؟
الجواب: يا أخوان أنتم طلبة علم، استعملوا وقتكم فيما ينفع، في طلب العلم والبحث، ولا تلتفتوا إلى المباريات الرياضية، هذه ضياع وقت، ولا فائدة لكم منها، ما لكم فائدة منها تُضيِّع الوقت عليكم، وأنتم طلبة علم، كلُّ ساعةٍ تُعتبر وقتًا ثمينًا، لا تُضيِّعوه، لأنه يكون ثُلمة في معلوماتكم فيما بعد، فأنتم في أعز سبيل، وفي أعز اتجاه، عليكم بشغل أوقاتكم في طلب العلم النافع، وبالعمل الصالح، هذا المطلوب من المسلم، ومن شباب المسلمين على وجه الخصوص.
السؤال:
هل الغش في الاختبارات يُعدُّ من كبائر الذنوب، وكيف يتخلُّص منه من ابتُلي به؟
الجواب: لا شكَّ أن الغش في الاختبارات هو أعظم أنواع الغش، أعظم من الغش في السِّلع والبيع والشِّراء، لأن هذا من الغش في العلم، يظهر أنه ناجح وهو غير ناجح، يتولَّى الأعمال والقيادات، وشهادته تزوير، هذا لا يجوز، قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، ليس هذا خاص بالغش في السِّلع، بل الغش في العلم والتّعلُّم أعظم من ذلك، لأنه سيتولى أمور المسلمين، فكيف يتولاها وهو غشَّاش، وينشأ على الغش والتزوير، يكون طالب العلم أمينًا ناصحًا، لا يكون غاشًا، «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي رواية: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
السؤال:
معالي الشيخ ما نصيحتكم لنا معشر الشباب في التعامل مع ولاة الأمور؟
الجواب: التعامل مع ولاة الأمور بالطاعة، طاعة ولاة الأمور في غير معصية الله -سُبْحَانَهُ وتَعَالَى- «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ»، يقول الرَسُول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ»، لابد من السمع والطاعة؛ لأجل تجتمع كلمة المسلمين، ولأجل أن يكون للمسلمين هيبة أمام الكفار، وأما إذا تنازعنا فإننا نفشل، (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي قوتكم، (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، فعليكم بالثبات، والصبر، وتعلُّم العلم النافع، والدعوة إلى الله -عزَّ وَجَلْ-، وفي حال ظهور الفتن، وشدة الفتن، يكون الواجب علينا أعظم، أن نثبت، وأن نصبر، وأن نجاهد في سبيل الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنُصرة هذا الدين، بالعلم، والعمل والجهاد في سبيل الله.
السؤال:
ما قولكم فيمن يتهُّم أهل العلم بالتقصير في النصحِ لولاة الأمر؟
الجواب: وما يدريه أن العلماء مقصِّرون في نصح ولاة الأمر، هل لابد أن العالم إذا نصح ولي الأمر يُظهر للناس؟ يقول أنا نصحت، وأنا قلت، وأنا وأنا، ما يجوز هذا!، النصيحة سريَّة بين ولي الأمر، وبين الناصح، تأخذ بيده وتنبِّههُ على ما ترى من الخطأ سرًا بينك وبينه، فإن أخذ بقولك فالحمد لله، وإن لم يأخذ فقد أبرأتَ ذمَّتك، أما إنك تقول: ولي الأمر مقصِّر، وولي الأمر فعل كذا وكذا، وأنا نصحته، وأنا قلت، هذا لا يجوز، هذا من الدِّعاية إلى الاختلاف والتفرُّق، ومن الاستهانة بولي أمر المسلمين، ولا يجوز أن يُهان ولي أمر المسلمين مهما حصل منه، لا يجوز أن يُهان أمام الناس، ولا أن يُسبَّ أمام الناس.
المُقدِّم: شكر الله لك شيخنا على هذه وشكر لكم سعيكم، فإنني باسمي أصالةً ونيابةً عن قائد هذه الثانوية وزملائي المعلِّمين، وجميع الحضور، الشكر لحضوركم ومجيئكم لهذا المكان، وإمتاعنا بهذه الكلمات الماتعة، وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يجزيك عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يطيل في عمركم على طاعته، وأن يبارك في علمكم وعملكم ، وأن يجزينا جميعًا وإياكم جنات النعيم ووالدينا مع محمدٍ-صلى الله عليه وسلم، وصحبه في مقعد صدق عند مليك مقتدر، والله أعلم وأجل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا والحمد لله.
===========